سنخان مجرّد كلامٍ صوريٍّ إذا لم يُعطَ مضموناً محدَّداً ؛ لأنّ مجرّد تسمية هذا بالواقعيِّ وهذا بالظاهريِّ لا يخرجهما عن كونهما حكمين من الأحكام التكليفية ، وهي متضادّة.

٢ ـ إنّ الحكم الظاهريّ إذا خالف الحكم الواقعيّ فحيث إنّ الحكم الواقعيّ بمبادئه محفوظ في هذا الفرض ـ بحكم قاعدة الاشتراك ـ يلزم من جعل الحكم الظاهريّ في هذه الحالة نقض المولى لغرضه الواقعي بالسماح للمكلّف بتفويته ؛ اعتماداً على الحكم الظاهريّ في حالات عدم تطابقه مع الواقع ، وهو يعني إلقاء المكلّف في المفسدة ، وتفويت المصالح الواقعية المهمّة عليه.

٣ ـ إنّ الحكم الظاهريّ من المستحيل أن يكون منجِّزاً للتكليف الواقعيّ المشكوك ومصحّحاً للعقاب على مخالفة الواقع ؛ لأنّ الواقع لا يخرج عن كونه مشكوكاً بقيام الأصل أو الأمارة المثبِتَين للتكليف. ومعه يشمله حكم العقل بقبح العقاب بلا بيانٍ ـ بناءً على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان ـ ، والأحكام العقلية غير قابلةٍ للتخصيص.

شبهة التضادّ ونقض الغرض :

أمّا الاعتراض الأوّل فقد اجيب عليه بوجوه :

منها : ما ذكره المحقِّق النائيني (١) قدس‌سره من أنّ إشكال التضادّ نشأ من افتراض أنّ الحكم الظاهريّ حكم تكليفي ، وأنّ حجّية خبر الثقة ـ مثلاً ـ معناها جعل حكمٍ تكليفيٍّ يطابق ما أخبر عنه الثقة من أحكام ، وهو ما يسمّى ب (جعل الحكم المماثل) ، فإن أخبر الثقة بوجوب شيءٍ وكان حراماً في الواقع ، تمثّلت حجّيته في

__________________

(١) فوائد الاصول ٣ : ١٠٥.

۶۰۸۷