اقتضاء الحرمة للبطلان

لا شكّ في أنّ النهي المتعلّق بالعبادة أو بالمعاملة إرشاداً إلى شرطٍ أو مانعٍ يكشف عن البطلان بفقد الشرط أو وجود المانع. وإنّما الكلام في الحرمة التكليفية واقتضائها لبطلان العبادة بمعنى عدم جواز الاكتفاء بها في مقام الامتثال ، وبطلان المعاملة بمعنى عدم ترتّب الأثر عليها ، فهنا مبحثان :

اقتضاء الحرمة لبطلان العبادة :

والمعروف بينهم أنّ الحرمة تقتضي بطلان العبادة ، ويمكن أن يكون ذلك لأحد الملاكات التالية :

الأول : أنّها تمنع عن إطلاق الأمر خطاباً ودليلاً لمتعلَّقها ؛ لامتناع الاجتماع ، ومع خروجه عن كونه مصداقاً للواجب لا يجزي عنه ، وهو معنى البطلان.

الثاني : أنّها تكشف عن كون العبادة مبغوضةً للمولى ، ومع كونها مبغوضةً يستحيل التقرّب بها.

الثالث : أنّها تستوجب حكم العقل بقبح الإتيان بمتعلَّقها ، لكونه معصيةً مبعِّدةً عن المولى ؛ ومعه يستحيل التقرّب بالعبادة.

وهذه الملاكات على تقدير تماميتها تختلف نتائجها :

فنتيجة الملاك الأول لا تختصّ بالعبادة ، بل تشمل الواجب التوصّلي أيضاً ، ولا تختص بالعالم بالحرمة ، بل تشمل حالة الجهل أيضاً ، ولا تختص بالحرمة النفسيّة ، بل تشمل الغيريّة أيضاً.

ونتيجة الملاك الثاني تختصّ بالعبادة ، إذ لا يعتبر قصد القربة في غيرها ، وبالعالم بالحرمة ؛ لأنّ مَن يجهل كونها مبغوضةً يمكنه التقرّب.

۶۰۸۷