متعيّن في صقع ثبوته ، وتتعيّن الماهية تبعاً لتعيّن الوجود ؛ لأنّها حدّ له.
الثالث : ما ذهب اليه المحقّق العراقي (١) من أنّ العلم الإجمالي يتعلّق بالواقع ، بمعنى أنّ الصورة الذهنية المقوِّمة للعلم والمتعلّقة له بالذات لا تحكي عن مقدار الجامع من الخارج فقط ، بل تحكي عن الفرد الواقعي بحدّه الشخصي ، فالصورة شخصية ومطابقها شخصي ولكنّ الحكاية إجمالية ، فهي من قبيل رؤيتك لشبح زيدٍ من بعيدٍ دون أن تتبيّن هويّته ، فإنّ الرؤية هنا ليست رؤيةً للجامع بل للفرد ، ولكنّها رؤية غامضة.
ويمكن أن يبرهن على ذلك : بأنّ العلم في موارد العلم الإجمالي لا يمكن أن يقف على الجامع بحدّه ؛ لأنّ العالم يقطع بأنّ الجامع لا يوجد بحدّه في الخارج ، وإنّما يوجد ضمن حدٍّ شخصي ، فلابدّ من إضافة شيءٍ إلى دائرة المعلوم ، فإن كان هذا الشيء جامعاً وكلّياً عاد نفس الكلام حتى ننتهي إلى العلم بحدٍّ شخصي. ولمَّا كان التردّد في الصورة مستحيلاً ـ كما تقدم ـ تعيّن أن يكون العلم متقوّماً بصورةٍ شخصية معيّنةٍ مطابقةٍ للفرد الواقعي بحدّه ، ولكنّ حكايتها عنه إجمالية.
تخريجات وجوب الموافقة القطعية :
إذا اتّضحت لديك هذه المباني المختلفة فاعلم : أنّه قد ربط استتباع العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية إثباتاً ونفياً بهذه المباني ، بدعوى أنّه إذا قيل بالمبنى الأول ـ مثلاً ـ فالعلم الإجمالي لا يخرج عن موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ المزعومة سوى الجامع ؛ لأنّه المعلوم فقط. والجامع بحدّه لا يقتضي الجمع بين الأطراف ، بل يكفي في موافقته تطبيقه على أحد أفراده.
__________________
(١) مقالات الاصول ٢ : ٢٣٠.