بيانٍ من الشارع ، إذ لا يحتمل صدوره واختفاؤه على النبيّ ، وأين هذا من عدم الوصول الناشئ من احتمال اختفاء البيان؟

وثالثاً : أنّ إطلاق العنان كما قد يكون بلحاظ أصلٍ عمليٍّ قد يكون بلحاظ عمومات الحلّ التي لا يرفع اليد عنها إلاّبمخصِّصٍ واصل.

ومنها : قوله تعالى : ﴿وَمَا كَان اللهُ ليُضِلَّ قَوْماً بعدَ إذْ هَداهُم حتّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يتَّقُونَ إنّ الله بكُلِّ شيءٍ عَليمٌ (١).

وتقريب الاستدلال كما تقدّم في الحلقة السابقة (٢). وما يتّقى إن اريد به ما يُتّقى بعنوانه انحصر بالمخالفة الواقعية للمولى ، فتكون البراءة المستفادة من الآية الكريمة منوطةً بعدم بيان الواقع. وإن اريد به ما يُتّقى ولو بعنوانٍ ثانويٍّ ظاهريٍّ كعنوان المخالفة الاحتمالية كان دليل وجوب الاحتياط وارداً على هذه البراءة ؛ لأنّه بيان لما يُتّقى بهذا المعنى.

أدلّة البراءة من السنّة :

واستُدلّ من السنّة بروايات :

منها : ما روي عن الصادق عليه‌السلام من قوله : «كل شيءٍ مطلق حتّى يرد فيه نهي» (٣). وفي الرواية نقطتان لابدّ من بحثهما :

الاولى : أنّ الورود هل هو بمعنى الوصول ليكون مفاد الرواية البراءة بالمعنى المقصود ، أو الصدور لئلاّ يفيد في حالة احتمال صدور البيان من الشارع

__________________

(١) التوبة : ١١٤.

(٢) في بحث الاصول العمليّة ، تحت عنوان : القاعدة العمليّة الثانويّة في حالة الشكّ.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ : ٣١٧ ، الحديث ٩٣٧.

۶۰۸۷