بذبيحتك) ليس مفاده الطلب والوجوب ؛ لوضوح أنّ شخصاً لو لم يستقبل القبلة بالذبيحة لم يكن آثماً ، وإنّما تحرم عليه الذبيحة. فمفاد الأمر إذن الإرشاد إلى شرطية الاستقبال في التذكية ، وقد يعبّر عن ذلك بالوجوب الشرطي ، باعتبار أنّ الشرط واجب في المشروط. والأمر في (اغسل ثوبك من البول) ليس مفاده طلب الغسل ووجوبه ، بل الإرشاد إلى نجاسته بالبول ، وأنّ مطهِّره هو الماء. وأمر الطبيب للمريض باستعمال الدواء ليس مفاده إلاّالإرشاد إلى ما في الدواء من نفعٍ وشفاء.

وفي كلّ هذه الحالات تحتفظ صيغة الأمر بمدلولها التصوريّ الوضعي ، وهو النسبة الإرسالية ، غير أنّ مدلولها التصديقيّ الجدّيّ يختلف من موردٍ إلى آخر.

القسم الثاني : [ما يدلّ على الطلب بالعناية]

ونقصد به : الجملة الخبرية المستعملة في مقام الطلب ، والكلام حولها يقع في مرحلتين :

الاولى : في تفسير دلالتها على الطلب مع أنّها جملة خبرية مدلولها التصوريّ يشتمل على صدور المادة من الفاعل ، ومدلولها التصديقيّ قصد الحكاية ، فما هي العناية التي تعمل لإفادة الطلب بها؟

وفي تصوير هذه العناية وجوه :

الأول : أن يحافظ على المدلول التصوريّ والتصديقيّ معاً ، فتكون الجملة إخباراً عن وقوع الفعل من الشخص ، غير أنّه يقيّد الشخص الذي يقصد الحكاية عنه بمَن كان يطبِّق عمله على الموازين الشرعية ، وهذا التقييد قرينته نفس كون المولى في مقام التشريع ، لا نقل أنباءٍ خارجية.

۶۰۸۷