على ما مرّ سابقاً (١).

دلالات التقرير :

سكوت المعصوم عن موقفٍ يواجهه يدلّ على إمضائه : إمّا على أساسٍ عقليٍّ باعتبار أنّه لو لم يكن الموقف متّفقاً مع غرضه لكان سكوته نقضاً للغرض ، أو باعتبار أنّه لو لم يكن الموقف سائغاً شرعاً لوجب على المعصوم الردع عنه والتنبيه.

وإمّا على أساسٍ استظهاريٍّ باعتبار ظهور حال المعصوم في كونه بصدد المراقبة والتوجيه.

والموقف قد يكون فردياً ، وكثيراً ما يتمثّل في سلوكٍ عامٍّ يسمّى ببناء العقلاء أو السيرة العقلائية ، ومن هنا كانت السيرة العقلائية دليلاً على الحكم الشرعي ، ولكن لابذاتها ، بل باعتبار تقرير الشارع لها وإمضائه المكتشف من سكوت المعصوم وعدم ردعه.

وفي هذا المجال ينبغي التمييز بين نوعين من السيرة :

أحدهما : السيرة بلحاظ مرحلة الواقع ، ونقصد بذلك : السيرة على تصرّفٍ معيّنٍ باعتباره الموقف الذي ينبغي اتّخاذه واقعاً في نظر العقلاء ، سواء كان مرتبطاً بحكمٍ تكليفي ـ كالسيرة على إناطة التصرّف في مال الغير بطيب نفسه ولو لم يأذن لفظياً ـ أو بحكمٍ وضعي ، كالسيرة على التملّك بالحيازة في المنقولات.

والنوع الآخر : السيرة بلحاظ مرحلة الظاهر والاكتفاء بالظنّ ، ونقصد

__________________

(١) الحلقة الثانية ، ضمن البحث عن تحديد دلالات الدليل الشرعي غير اللفظي ، تحت عنوان : دلالة الفعل.

۶۰۸۷