لم يكن امتثالاً إلاّ بالنسبة إلى ما نواه ، ولا ينبغي (*) الإشكال في أن الأمر متعدِّد حينئذ وإن قيل إنه لا يتعدّد وإنما المتعدِّد جهاته ، وإنما الإشكال في أنه هل يكون المأمور به متعدِّداً أيضاً وأن كفاية الوضوء الواحد من باب التداخل أو لا بل يتعدّد (**) ذهب بعض العلماء إلى الأوّل وقال : إنه حينئذ يجب عليه أن يعيّن أحدها وإلاّ بطل ، لأن التعيين شرط عند تعدّد المأمور به. وذهب بعضهم إلى الثاني وأن التعدّد إنما هو في الأمر أو في جهاته.


قوّيناه ، أم قلنا إن الطّهارة أمر يترتب على تلك الأفعال ، وذلك لتحقق الطّهارة على الفرض. نعم يقع حينئذ امتثالاً من جهة الأمر المتوجه إلى ما قصده من الغايات وأداء بالإضافة إلى بقيّة غاياته التي لم يقصد التوصل به إليها هذا.

ثمّ إن في هذه المسألة جهة أُخرى للكلام ، وهي أنه إذا توضأ بنيّة شي‌ء من غايات الوضوء وبعد ذلك بدا له وأراد أن يأتي بغاية أُخرى أيضاً من غاياته فقد عرفت أنه لا يجب عليه حينئذ أن يتوضأ ثانياً ، بل الوضوء الذي أتى به للتوصل به إلى صلاة الفريضة مثلاً كاف في صحّة بقيّة غاياته ، إلاّ أن الكلام في أن هذا من باب التداخل أو من جهة وحدة المأمور به.

والكلام في ذلك تارة في تعدّد الأمر وأُخرى في تعدّد المأمور به ، وقد نفى الماتن‌

__________________

(*) التحقيق أنه إذا بنينا على عدم اتصاف المقدّمة بالوجوب أو الاستحباب الغيري كما قوّيناه في محله فلا موضوع لهذا البحث من جهة تعدّد الغايات ، ولو قلنا باتصافها به فان لم نعتبر الإيصال في اتصاف المقدّمة بالمطلوبية فلا إشكال في وحدة الأمر والمأمور به وأن التعدّد إنما هو في الجهات ، والوجه فيه ظاهر ، وإن اعتبرنا الإيصال فيه فالظاهر أن كلاًّ من الأمر والمأمور به متعدِّد وأن الاكتفاء بالوضوء الواحد من باب التداخل في المسببات ، وأما الوضوء الواجب بالنذر فتعدّد المأمور به فيه يتوقف على جعل الناذر وقصده ، فان قصد التعدّد تعدّد ، وإلاّ فلا.

(**) الظاهر أن جملة ( بل يتعدد ) زائدة وهي من سهو القلم.

۴۴۰