[٦١٥] مسألة ٢١ : قد عرفت أنه يكفي في الغسل أقله بأن يجري الماء من جزء إلى جزء آخر ولو بإعانة اليد ، فلو وضع يده في الماء وأخرجها ومسح بما يبقى فيها من الرطوبة محل الغسل يكفي ، وفي كثير من الموارد هذا المقدار لا يضرّ خصوصاً إذا كان بالماء الحار وإذا أجرى الماء كثيراً يضر ، فيتعيّن هذا النحو من الغسل ولا يجوز الانتقال إلى حكم الجبيرة فاللاّزم أن يكون الإنسان ملتفتاً لهذه الدقّة (١).


هل المسح برطوبة اليد يجزئ عن الغسل؟

(١) أقل الغسل وهو انتقال جزء من الماء من جزء إلى جزء وإن كان مجزئاً لا محالة إلاّ أن الغسل على النحو المقرر في المتن لا يخلو من إشكال ومنع ، وذلك لما قدّمناه غير مرّة من أن الأمر بالغسل ظاهر في لزوم إحداث الغسل ، وأما الغسل بحسب البقاء فهو غير كاف في الامتثال ، والمكلّف إذا وضع يده في الماء وبذلك قد أحدث الغسل في يده ثمّ مسح برطوبتها وجهه أو غيره من مواضع الكسر مثلاً ، فلا محالة يكون المسح برطوبتها إبقاء للغسل الحادث في يده وإحداثاً للمسح في وجهه. ولا يطلق على إمرار يده على وجهه عنوان الغسل في شي‌ء من اللغات ، بل يقال إنه مسح وجهه ، مع أن المأمور به هو الغسل دون المسح.

وتوضيح ما ذكرناه : أنّا تعرّضنا تبعاً للماتن لأقل الغسل في بحث غسل الوجه من الوضوء وقلنا إنه عبارة عن جريان الماء من جزء إلى جزء إمّا بنفسه أو بواسطة اليد ونحوها (١). كما قلنا إن النسبة بينه وبين المسح عموم من وجه ، فإن المسح عبارة عن مرور الماسح على الممسوح برطوبة ونداوة ، وهما أمران متقابلان في الوضوء ومن هنا جعله الله سبحانه في مقابل الغسل في الآية المباركة ﴿ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ...

__________________

(١) شرح العروة ٥ : ٤٨.

۴۴۰