الإشكال في تعدّد الأمر حينئذ وذكر أن الإشكال في أن المأمور به أيضاً متعدِّد أو أن التعدّد في جهاته ، ونسب إلى بعض العلماء القول بتعدّد المأمور به كالأمر وفرع عليه لزوم تعيين أحدها ، لأنه لو لم يعيّن المأمور به عند تعدّده بطل ، وقد اختار هو قدس‌سره عدم تعدّد المأمور به ، ثمّ تعرض إلى مسألة النّذر وقال : إنه يتعدّد المأمور به فيها تارة ولا يتعدّد اخرى.

وتوضيح الكلام في هذا المقام : أنه إذا قلنا بأن المقدّمة لا تتصف بالأمر الغيري المقدمي لا بالوجوب ولا بالاستحباب كما قوّيناه في محلِّه وقلنا إنّ الوجوب أو الاستحباب لا يتعدّى ولا يسري من ذي المقدّمة إلى مقدّماته ، نعم هي واجبة عقلاً (١) فلا يبقى مجال للبحث في هذه المسألة ، حيث لا أمر غيري في الوضوء حينئذ ليقال إنه واحد أو متعدِّد وأن المأمور به أيضاً متعدِّد أو واحد. فالنزاع يبتني على القول باتصاف المقدّمة بالأمر الغيري المترشح من ذيها شرعا.

وحينئذ إن قلنا بما سلكه صاحب الكفاية قدس‌سره (٢) من أن الأمر الغيري إنما يتعلّق بذات المقدّمة كالغسلتين والمسحتين لا بهما مقيّداً بعنوان المقدمية أو الإيصال لأن المقدمية جهة تعليلية لا تقييدية ، فالصلاة واجبة لعلة ما فيها من المصلحة ومقدماتها واجبة لعلة كونها مقدّمة لها فالمتصف بالأمر الغيري هو ذات المقدّمة لا هي بوصف كونها مقدّمة أو مع قيد الإيصال ، فلا مناص من الالتزام بوحدة الأمر لأن طبيعي الوضوء وذاته شي‌ء واحد لا يعقل الحكم بوجوبه أو باستحبابه مرتين لوضوح أنه من أظهر أنحاء اجتماع المثلين أو الأمثال وهو أمر مستحيل حتى بناء على القول بجواز اجتماع الأمر والنهي ، فلا بدّ من الالتزام بوحدة وجوبه غاية الأمر أنه متأكد وهو آكد من بقيّة أفراد الوجوبات الغيرية المتعدِّدة متعلقاتها.

وأمّا إذا قلنا حينئذ أي على تقدير الالتزام باتصاف المقدّمة بالأمر الغيري بأن‌

__________________

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٤٣٨.

(٢) كفاية الأُصول : ١١٤.

۴۴۰