ولا فرق في كيفية الغسل بأحد النحوين بين غسل الجنابة وغيره (١) من سائر الأغسال (*) الواجبة والمندوبة‌


ما يعتبر في الترتيبي يعتبر في الارتماسي أيضاً ، فكما أنه لا بدّ من إيصال الماء إلى جميع أجزاء البدن في الترتيبي فلو ترك بمقدار شعرة واحدة متعمداً دخل النار ، على ما في الخبر (٢) كذلك الحال في الارتماسي بعينه ، لأنه هو هو بعينه سوى أنه لا يعتبر فيه الترتيب. وعليه فلو كان شعره كثيفاً مانعاً عن وصول الماء تحته أو احتمل مانعيته يجب تخليله وإزالة المانع عن وصول الماء إلى البشرة كبقية الموانع ، وذلك تحصيلاً للقطع بالامتثال أو لحكم العقل بإفراغ الذمة عما اشتغلت به.

(١) هذا بناء على ما قدمناه من أن الارتماسي والترتيبي طبيعة واحدة وإنما يختلفان بحسب الكيفية فقط ، فإن سائر الأغسال وإن لم ترد كيفيتها في رواية إلاّ أن العرف يستفيد مما ورد في كيفية غسل الجنابة أن الكيفية الواردة فيه غير مختصّة به ، لأن الأغسال طبيعة واحدة وإنما الاختلاف في أسبابها. وإنما تصدوا عليهم‌السلام لبيان الكيفية في الجنابة دون غيرها لأن الابتلاء بها أكثر من الابتلاء بغيرها من الأسباب فتصدوا لبيان كيفيته حتى يظهر الحال في غيرها من ذلك البيان ، فبما أن غسل الجنابة له فردان من طبيعة واحدة أعني الترتيبي والارتماسي وهما يكفيان عنه فلا محالة يكفيان عن بقية الأغسال الواجبة أيضا.

ويؤيِّد ما ذكرناه ما رواه في الفقيه من أنّ غسل الحيض والجنابة سواء (٣) ، وما ورد في أنّ الجنب إذا ابتلي بالحيض لا يغتسل بل يصبر إلى أن تنقضي أيام حيضها وبعده تغتسل غسلاً واحداً عن الجميع (٤) ، وما دلّ على أنّ الغسل الواحد يجزئ عن الحقوق المتعدِّدة (٥) حيث تدلّ على أن الأغسال طبيعة واحدة وإنما الاختلاف في الأسباب.

__________________

(*) هذا في غير غسل الميت ، حيث لا يشرع فيه الارتماس.

(١) وهي صحيحة حجر بن زائدة. الوسائل ٢ : ١٧٥ / أبواب الجنابة ب ١ ح ٥.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٦٥ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ٩ ، الفقيه ١ : ٤٤ / ١٧٣.

(٣) الوسائل ٢ : ٢٦٣ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ٥ ، ٦ وغيرهما.

(٤) الوسائل ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١.

۴۴۰