شي‌ء. ومع قرينية صدر الصحيحة على إرادة الغسل الترتيبي كيف يبقى لذيلها إطلاق حتى يشمل الارتماسي أيضاً ، هذا أوّلا.

وثانياً : لو سلمنا أن صدرها ليس قرينة على الذيل أيضاً لا يمكننا الاستدلال بها على ذلك المدعى ، حيث إنها ناظرة إلى السؤال عن الموالاة وأنه إذا غسل مقداراً من بدنه ولم يغسل بعضه نسياناً أو غفلة هل يصح غسله أو لا يصح ، حيث إنه لو غسله بعد التفاته إليه تخلل في غسل أجزائه زمان لا محالة فأجابه عليه‌السلام بأنّ الموالاة غير معتبرة في الغسل. ومن الظاهر أن الموالاة إنما تعتبر أو لا تعتبر في الغسل الترتيبي ، وأما الارتماسي فهو أمر وحداني إما أن يوجد وإما أن لا يوجد ، لأن المراد به إحاطة الماء للبدن وأمره يدور بين الوجود والعدم ، ولا معنى فيه لغسل شي‌ء من البدن تارة وغسل بعضه اخرى ليعتبر بينهما الموالاة أو لا تعتبر. وعليه فالصحيحة مختصّة بالغسل الترتيبي ولا تعم الارتماسي بوجه.

نعم هناك شي‌ء وهو أن الغسل الارتماسي هل هو أمر أجنبي عن الغسل رأساً إلاّ أنه يوجب سقوطه ، كما في عدلي الواجب التخييري ، حيث إن كل واحد منهما أمر مغاير للآخر بحسب الطبيعة إلاّ أنه مسقط للآخر ، وكما في الإتمام حيث ذكروا أنه مسقط للواجب من غير أن يكون عدلاً للواجب التخييري أصلاً. أو أن الارتماسي أيضاً غسل ولكنّه طبيعة والترتيبي طبيعة أُخرى من الغسل فهما طبيعتان متغايرتان أو لا هذا ولا ذاك بل هما طبيعة واحدة ولها كيفيّتان ، فقد يؤتى بكيفية الارتماس وأُخرى بكيفية الترتيب ، نظير ما ذكرناه في صلاتي القصر والتمام حيث قلنا إنهما طبيعة واحدة لها كيفيتان وفردان ، فقد تجب كيفية القصر وأُخرى تجب الإتمام وثالثة يتخير بينهما كما في مواضع التخيير؟

أمّا احتمال أن يكون الارتماسي أمراً أجنبياً مغايراً مع الغسل الترتيبي ومسقطاً له فيدفعه ظهور قوله عليه‌السلام : « إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك » (١) فان ظاهره أن الارتماس من طبيعة الغسل وهو مجزئ عن الترتيبي لا أنه‌

__________________

(١) تقدّم ذكرها في ص ٣٨٥ ٣٨٦.

۴۴۰