بداع آخر مباح أو راجح. وإن أخذنا اعتباره من بناء العقلاء فالأمر أوضح وذلك لأن العقلاء إنما بنوا على أن يكون العمل صادراً بتحريك أمر المولى وإطاعته ولا بناء منهم على أن لا يكون معه أمر آخر يوجب الدعوة والبعث نحو العمل ، فلو أمر المولى عبده بأن يأتي له بالماء والعبد أتى به بدعوة من أمر سيِّده وكان له داع آخر مستقل أيضاً في هذا العمل وهو رفع وجع رأس المولى لعلمه بأنه لو شرب الماء ارتفع وجعه ، فهل ترى أن العقلاء يحكمون ببطلان طاعته ، ويمنعونه عن أن يضم إلى داعي إطاعته داعياً آخر وهو رفع الوجع مع أنه أيضاً أمر محبوب للمولى وقد صدرت إطاعته عن أمره الأوّل بالاستقلال.

وأمّا إذا كانت الضميمة مباحة فلعين ما قدمناه ، من أن اعتبار قصد التقرب في العبادة إن كان من جهة أخذه من الأدلّة الشرعية فلا يستفاد منها إلاّ اعتبار أن يكون أمر المولى مستقلا في داعويته نحو العمل ، ولا يستفاد منها اعتبار عدم انضمامه إلى أمر آخر مما له أيضاً داعوية مستقلّة نحو العمل. وكذا الحال فيما إذا أخذنا اعتباره من بناء العقلاء حيث لم يتحقق منهم البناء على أزيد من صدور العمل عن الداعي القربي المستقل في داعويته ، ولا بناء منهم على عدم حصول القربة فيما إذا انضمّ إليه أمر آخر مباح أيضاً مستقل في داعويته ، كما إذا قصد العبد في إطاعته لأمر المولى بإتيانه بالماء تقوية بدنه من جهة أن الحركة مقوّية لعضلاته ، فعليه لا فرق في صحّة العبادة عند صدورها عن الداعي القربي المستقل في داعويته بين أن ينضم إليه داع آخر مستقل في داعويته راجح أم مباح ، وإنما يعتبر فيها أن تكون صادرة عن الداعي القربي المستقل وهو مفروض التحقق في المقام هذا.

بل ذكرنا عدم تحقق جملة من العبادات الشرعية من الأشخاص المتعارفين غير الأوحدي منهم إلاّ مقترنة بداع آخر مباح أو راجح أيضاً مستقل في داعويته فترى أن المكلّف يصوم ولا يفطر في الشوارع والأسواق لداعي الأمر الإلهي الذي له استقلال في داعويته ، ومن هنا يترك الإفطار عند الخلوة ونزوله إلى السرداب أو دخوله داره مثلاً ، إلاّ أن لتركه الإفطار في تلك الأمكنة داعياً آخر أيضاً مستقلا في‌

۴۴۰