إحداهما : أنه مع العلم بعدم استحبابه النفسي لو أتى به بداعي استحبابه أو مع العلم بعدم وجوبه الغيري إذا أتى به بداعي وجوبه الغيري هل يعقل أن لا يكون تشريعاً محرماً ، أو أنه قد يكون كذلك وقد لا يكون؟

ثانيتهما : أن حرمة التشريع توجب بطلان العمل أو لا توجبه؟

أمّا الجهة الاولى : فلا نتعقل انفكاك مثله عن التشريع ، لأنه عبارة عن إدخال ما علم أنه ليس من الدين أو لم يعلم أنه من الدِّين في الدِّين ، ومع العلم بعدم استحباب شي‌ء ، إذا أتى به بعنوان أنه مستحب لا محالة كان من إدخال ما علم أنه ليس من الدِّين في الدِّين.

وأمّا الجهة الثانية : فقد يقال بأن حرمة التشريع لا تستلزم بطلان العبادة مطلقاً بل إنما توجبه فيما إذا كان التشريع في مقام الأمر والتكليف ، كما إذا علم بوجوب شي‌ء فبنى على استحبابه وأتى به بداعي أنه مستحب فإنه محكوم ببطلانه ، إذ لا يتمشى معه قصد القربة والامتثال. وأمّا التشريع في مقام الامتثال والتطبيق كما إذا سمع أن المولى أمره بشي‌ء ولم يعلم أنه أوجبه أو ندب إليه ولكنّه بنى على أنه أوجبه وأن الأمر هو الوجوبي ، فلا يوجب هذا بطلان عمله ولا ينافي ذلك قصد القربة والامتثال كما فصّل بذلك صاحب الكفاية قدس‌سره والتزم بأن التشريع لا يستلزم بطلان العمل مطلقاً ، بل فيما إذا كان راجعاً إلى الأمر والتكليف (١).

ولا يمكن المساعدة على ذلك ، لعدم انحصار الوجه في بطلان العبادة مع التشريع بعدم التمكّن عن قصد التقرب والامتثال ليفصل بين الصورتين ، بل له وجه آخر يقتضي بطلان العبادة مع التشريع في كلتا الصورتين وهو مبغوضية العمل وحرمته المانعة عن كونه مقرباً ، لأن حرمة البناء والتشريع تسري إلى العمل المأتي به في الخارج وبه يحكم بحرمته ومبغوضيته ، ومعهما كيف يكون العمل مقرّباً به ليحكم بصحّته.

__________________

(١) كفاية الأُصول : ٣٦٨ ٣٦٩.

۴۴۰