اللهمّ إلاّ أن يدعى أن حرمة الخروج والاجتياز جنباً أهم عند الشارع من حرمة المكث فيهما جنباً ، فمن هذا جاز له المكث فيهما جنباً في الدقيقة الثانية لئلا يرتكب المحرّم الأهم أعني الاجتياز والخروج عنهما وهو جنب. ولكن يرده أنّا لو لم ندع أهميّة حرمة المكث فيهما جنباً من حرمة الاجتياز والخروج عنهما في حالة الجنابة بملاحظة حال سائر المساجد ، إذ نرى أن مكث الجنب فيها محرم واجتيازه عنها غير محرم وهذا كاشف عن أهميّة حرمة المكث من حرمة الخروج والاجتياز فلا أقل يمكننا أن لا ندعي أهميّة حرمة الاجتياز من حرمة المكث جنباً ، وعليه فلا يجب عليه التيمم حينئذ ، بل لا يجوز لأنه مكث في المسجدين جنباً من غير ضرورة إليه.

إذا كان زمان التيمم والخروج متساويين‌

الجهة الرابعة : إذا كان زمان التيمم والخروج متساويين من حيث الطول والقصر فهل يجب عليه التيمم حينئذ للخروج ، أو أنه يتخير بينه وبين الخروج من غير تيمم؟ قد يقال بوجوب التيمم أخذاً بظاهر الصحيحة وجموداً على ظاهرها ، وقد يقال بالتخيير لأنه مضطر إلى البقاء في المسجدين بمقدار دقيقة واحدة مثلاً ، سواء خرج من غير تيمم أو تيمم فيهما لتساوي زمانهما ، وحيث أن طرفي الاضطرار على حدّ سواء فيحكم بتخيير المكلّف بينهما.

والصحيح لا هذا ولا ذاك ، بل يتعين عليه الخروج من غير تيمم ، وذلك لأنه وإن كان مضطراً إلى البقاء دقيقة واحدة إلاّ أنه إذا خرج في تلك الدقيقة فهو ، وأما إذا لم يخرج وتيمم في تلك الدقيقة فهو بعدها يحتاج إلى دقيقة ثانية حتى يخرج فيها عن المسجدين ، وهو مكث أو اجتياز في المسجدين جنباً وهو حرام. والتيمم غير مسوغ في حقه لأنه وظيفة المضطر ولا اضطرار له إلى التيمم ليكفيه في الدقيقة الثانية ، إذ له أن يخرج في الدقيقة الأُولى عن المسجدين من غير حاجة إلى التيمم في ذلك ، والتيمم من غير ضرورة غير مسوغ للاجتياز ، ومن هنا لو كان جنباً في خارج المسجد لم يكن له أن يتيمم ويجتاز عنهما ، إذ لا ضرورة له إلى الاجتياز ، والأمر في المقام أيضاً‌

۴۴۰