هل الحكم تعبّدي في المسجدين؟  

الجهة الثانية : هل وجوب التيمم حكم تعبدي ثبت للجنب في المسجدين سواء كان متمكناً من الاغتسال فيهما من دون استلزامه تلويث المسجدين وتنجيسهما أم لم يكن ، أو أنه حكم ثابت له على القاعدة فلا محالة يختص بمن لم يتمكن من الاغتسال فيهما من غير تنجيسهما؟ والتحقيق هو الثاني ، وذلك لأن التيمم حكم المضطر ، ولا اضطرار للجنب مع التمكن من الغسل في المسجدين من دون أن يستلزم ذلك تنجيس المسجدين وتلويثهما ، ولا سيما إذا كان زمان الاغتسال مساوياً مع زمان التيمم أو أقصر. وإنما حكم في الصحيحة بوجوب التيمم مطلقاً من جهة أن الغالب في تلك الأزمنة عدم تمكن المكلّف من الغسل في المسجدين من غير استلزامه تنجيسهما وتلويثهما ، إذ لم يكن فيهما حوض ولا الأنابيب الدارجة اليوم ، فمع التمكّن من الغسل لا يجب عليه التيمم بل لا يسوغ.

هل الحكم يتمّ ما إذا كان زمان التيمم أكثر؟

الجهة الثالثة : هل الحكم بوجوب التيمم يعمّ ما إذا كان زمان التيمم أكثر من زمان الخروج ، كما إذا كان نائماً خلف باب المسجدين ، فإنه يتمكن من الخروج عنهما في دقيقة واحدة ولكنّه لو تيمم طال ذلك دقيقتين أو أكثر ، أو يختص بما إذا كان زمان التيمم أقصر من زمان الخروج وإلاّ فلا يجب عليه التيمم بل لا يسوغ؟

مقتضى الجمود على ظاهر الصحيحة عدم الفرق بين الصورتين ، إلاّ أن الصحيح عدم جوازه عند كون زمانه أكثر من زمان الخروج ، وذلك لأنّا إذا فرضنا زمان الخروج دقيقة واحدة مثلاً وزمان التيمم دقيقتين ، فالمكلف بالإضافة إلى الدقيقة الواحدة المشتركة بين التيمم والخروج مضطر إلى البقاء في المسجدين جنباً فلا إشكال في جواز بقائه فيها كذلك للاضطرار ، وأمّا الدقيقة الثانية التي يستلزمها التيمم فلا اضطرار له إلى البقاء فيها في المسجدين ، إذ له أن يخرج جنباً ، وهو لا يستلزم غير الكون فيهما دقيقة واحدة فما المسوغ لبقائه فيهما في الدقيقة الثانية جنبا.

۴۴۰