حكمة التفصيل بين الوضع والأخذ ، فان الجنب أو غيره لا يتمكن من أخذ متاعه الذي في المسجد إلاّ بالدخول فيه غالباً ، كما أنه وغيره متمكن غالباً من وضع متاعه في مكان آخر غير المسجد فلا يضطر إلى الدخول فيه. وكيف كان ، فهذان الحكمان ممّا لا كلام فيه.

وإنما البحث في أن الأخذ جائز في نفسه والوضع محرم كذلك أو أن الأخذ جائز لجواز الدخول بغاية الأخذ والوضع محرم لحرمة الدخول لغاية الوضع ، فالمحتمل أمران لا ثالث لهما ، فإما أن يكون الأخذ والوضع جائزاً ومحرماً في نفسه وذاته وإما أن يكون جائزاً ومحرماً من جهة استلزامهما الدخول.

فان قلنا إن حرمة الوضع وجواز الأخذ مستندان إلى أنفسهما فكما لا يجوز حينئذ الوضع في المسجد من غير الدخول فيه كذلك يحرم الأخذ بالدخول فيه للأخذ ، فإن جواز الأخذ لا يستلزم جواز الدخول ، وهما أمران فليس له أن يدخله لأخذ شي‌ء. وإذا قلنا إن حرمة الوضع وجواز الأخذ مستندان إلى استلزامهما الدخول فحينئذ يجوز الدخول في المسجد للأخذ والتناول كما يجوز وضع شي‌ء فيه من الخارج لا بالدخول ، لأن المحرّم هو الوضع بالدخول دون الوضع من غير الدخول.

مناقشة مع الماتن‌

ومن هنا تعرف أن ما ذكره الماتن قدس‌سره في هذه المسألة والمسألة الآتية من الحكم بجواز الدخول فيه بقصد أخذ شي‌ء والحكم بحرمة الوضع فيه ولو من غير الدخول فيه ، أمران متنافيان ، فان جواز الأخذ لو كان مستنداً إلى جواز الدخول بهذه الغاية فلا بدّ أن تستند حرمة الوضع أيضاً إلى حرمة الدخول بتلك الغاية من دون أن تكون حرمة أحدهما وجواز الآخر مستنداً إلى ذاتهما ونفسهما ، ومعه يجوز الوضع في نفسه وإنما يحرم بالدخول في المسجد. وإذا بنينا على أن حكمهما مستندين إلى ذاتيهما فالوضع في ذاته محرم والأخذ في نفسه مباح فحينئذ وإن صحّ الحكم بحرمة مطلق الوضع في المسجد إلاّ أنه لا يلائم الحكم بجواز الدخول لأخذ شي‌ء ، فان جواز‌

۴۴۰