الأخذ حكم مترتب عليه في نفسه وهو غير مستلزم لجواز الدخول فيه ، فليأخذ الشي‌ء من غير دخول.

وعلى الجملة : الحكم بجواز الدخول لغاية الأخذ والحكم بحرمة الوضع أمران متنافيان ، فإما أن يحرم الوضع في نفسه ويجوز الأخذ أيضاً كذلك فلا وجه معه لجواز الدخول من جهة جواز الأخذ ، وإمّا أن يحرم الوضع لأجل الدخول ويجوز الأخذ أيضاً لأجله ، فحينئذ يجوز الدخول من جهة جواز الأخذ إلاّ أن الوضع لا يكون محرماً مطلقاً بل مع الدخول في المسجد فقط. هذا كله فيما يرد على الماتن قدس‌سره.

تحقيق في أصل المسألة‌

وأمّا تحقيق أصل المطلب فالصحيح أن حرمة الوضع وجواز الأخذ مستندان إلى ذاتيهما ، وذلك لأنه الظاهر من صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم (١) ، لأنه عليه‌السلام قد بيّن حكم الدخول قبل ذلك وأنه محرم إلاّ على نحو الاجتياز ثمّ بيّن جواز الأخذ وحرمة الوضع ، فمنه يظهر أن جواز الأخذ ليس من جهة جواز الدخول وكذا حرمة الوضع ليست مستندة إلى حرمة الدخول ، لتقدّم حكم الدخول حرمة وجوازاً فلا وجه لإعادته ، فليس حرمة أحدهما وجواز الآخر إلاّ مستندين إلى أنفسهما ، وبه يصح الحكم بحرمة الوضع مطلقاً وإن كان من غير دخول ، ولكن لا بدّ أيضاً من الحكم بحرمة الدخول وعدم جوازه لأجل الأخذ ، لأن جوازه غير مستند إلى جواز الدخول هذا.

ثمّ إن في رواية علي بن إبراهيم القمي عن الصادق عليه‌السلام أن « الحائض والجنب يضعان فيه الشي‌ء ولا يأخذان منه ، فقلت : ما بالهما يضعان فيه ولا يأخذان منه؟ فقال : لأنهما يقدران على وضع الشي‌ء فيه من غير دخول ولا يقدران على أخذ‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢١٣ / أبواب الجنابة ب ١٧ ح ٢.

۴۴۰