ويوعز كلّ ذلك إلى منهجيّة الإمام الخوئي في التدريس ، وطريقته في أعداد الفحول من العلماء. فقد اجتهد في تطعيمهم بالمباني العلمية ، بما يستدر أفهامهم ، ويُضاعف من تفتّحهم ، وحرصهم على التزوّد من العلم. وكان سماحته أهم مصادر الحركة العلمية في النجف الأشرف.
ومن الأعلام الذين أشادوا بشخصيّته العلمية والتعليميّة ، فقيه أهل بيت العصمة ، بقوله ، ( فكم ربِّي بها أعلاماً ، نمّى جوانب عالية في طاقاتهم الراقية ، فرجعوا إلى مقاعدهم المشيّدة ، مبشِّرين ومنذرين بحقائق الشّرع ، وتعليم جوامع الفروع ، أو بقوا إلى حين مدرِّسين في جوامع الحوزة ، أو مصابيح رواق الروضة ) (١).
وقد ألمح إلى شخصيّته أحد الأعلام من تلامذته : ( وكان أعلى الله مقامه نموذج السّلف الصالح ، لعبقريّته الفذّة ، ومواهبه الكثيرة ، وملكاته الشريفة ، التي أهّلته لأن يعدّ من الطليعة من علماء الإمامية ، الذين كرّسوا حياتهم لنصرة الدِّين والمذهب ) (٢).
وقد قدّر أحد تلامذته النابهين وهو السيِّد الشهيد الصّدر مكانة أُستاذه ، قائلاً : في علاقاته الرّوحية معه : ( ... هي من أشرف وأطهر وأقدس العلاقات في حياتي ... هذا الأُستاذ الذي بصرت نور العلم في حوزته ، وذقتُ معنى المعرفة على يده. وإنّ أعظم ما ينعم الله على الإنسان بعد الإيمان العلم ، ولئن كنتُ قد حصلتُ على شيء من هذه النعمة ، فإنّ فضل ذلك يعود إليه. فلستُ إلاّ ثمرة من ثمرات جهوده ، وفيضه الشريف ، وولداً من أولاده الروحيين ) (٣).
__________________
(١) مجلّة النور ، العدد ١٧ ، السنة ١٤١٣ ه ، من بيان آية الله العظمى السيِّد البهشتي.
(٢) نفس المصدر ، آية الله العظمى السيِّد السيستاني ، وهو اليوم من أشهر المراجع في العالم الإسلامي.
(٣) مجلّة الموسم اللبنانية ، العدد ١١ ، سنة ١٤١٢ / ٩٩٦. ورأيت ذلك بخطّ يده ، وفيه إضافات منها : ( ... إنِّي أتعامل مع السيِّد الخوئي دام ظلّه وسأظلّ كذلك كما يتعامل الابن مع أبيه ، والتلميذ مع أُستاذه ، والطّالب مع مرجعه. ولا يجوز مسّ مقام المرجعيّة العُليا ... إنِّي أبتهل إلى المولى سبحانه وتعالى أن يمتِّعنا بدوام وجود السيِّد الأُستاذ والاستظلال بظلّه الوارف والقيام بواجب البنوّة له ).