__________________

ـ لجريان البراءة العقليّة والشرعيّة ، لحصول الترخيص ـ حينئذ ـ في الرتبة السابقة على جريانها بحكم العقل بالتخيير بين الفعل والترك. نهاية الأفكار ٣ : ٢٩٣.

وأمّا المحقّق الأصفهانيّ : فنفى البراءة العقليّة ، بدعوى أنّ مدركها قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، والبيان ـ وهو وصول التكليف إلى المكلّف تفصيلا أو إجمالا ـ حاصل في دوران الأمر بين الوجوب والحرمة ، ضرورة أنّ المكلّف يعلم إجمالا بتوجّه التكليف الإلزاميّ إليه ، فلا تجري قاعدة القبح بلا بيان.

نعم ، أنّ التكليف المتوجّه إليه غير منجّز ، لأنّ فعليّة التكليف منوط بأمرين : (أحدهما) وصوله إلى المكلّف ، وهو محقّق في المقام. (ثانيهما) قدرة المكلّف على متعلّقه ، وهو مفقود في المقام. فالمانع من فعليّة التكليف في المقام هو عدم التمكّن من الامتثال المعتبر عقلا في استحقاق العقاب على تركه.

ونفى البراءة الشرعيّة بدعوى أنّ ظاهر أدلّة البراءة كونها في مقام معذّريّة الجهل وارتفاعها بالعلم ، فما كان تنجّزه وعدمه من ناحية العلم والجهل كان مشمولا للغاية والمغيّى ، وما كان من ناحية التمكّن من الامتثال وعدمه فلا ربط له بأدلّة البراءة. وما نحن فيه من قبيل الثاني ، لعدم القصور في العلم ، فإنّ تعلّق التكليف الإلزاميّ معلوم ، وإنّما القصور من جهة فقد التمكّن من امتثال التكليف الإلزاميّ. نهاية الدراية ٢ : ٥٦٥.

هذا ما أفاده الأعلام الثلاثة في الردّ على القول الأوّل.

وقد تصدّى السيّد الإمام الخمينيّ للجواب عن المحقّقين النائينيّ والعراقيّ صريحا وعن المحقّق الأصفهانيّ تلويحا.

فأفاد جوابا عن كلام المحقّق النائينيّ ـ من نفي البراءة العقليّة ـ بأنّ كون العلم الإجماليّ كعدمه لا يوجب القطع بالمؤمّن ، ولو لا قبح العقاب بلا بيان فلا مانع للمولى من العقاب على التكليف الواقعيّ ، وجوبا كان أو حرمة. بيان ذلك : أنّ أصل التكليف الإلزاميّ المردّد بين الوجوب والحرمة وإن كان معلوما إجمالا ، فلا يكون موردا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، بل لا يجوز العقاب عليه لعدم قدرة المكلّف على الموافقة القطعيّة ، إلّا أنّ نوع التكليف ـ من الوجوب والحرمة ـ غير معاقب ، لعدم كونه معلوما ، لا لعدم القدرة عليه ، كيف! ولو تعلّق التكليف الإلزاميّ بأمرين ـ كوجوب الدعاء عند رؤية الهلال وحرمة شرب التتن ـ يكون منجّزا. فعليه يكون عدم العقاب بالنسبة إلى نوع التكليف لقاعدة قبح العقاب بلا بيان. أنوار الهداية ٢ : ١٧٤.

ومن هنا يظهر جوابه عمّا أفاد المحقّق الأصفهانيّ في نفي البراءة العقليّة ، وحاصله : ـ

۴۴۳۱