[التنبيه] الثالث : [استصحاب الكلّي وأقسامه]

انّه لا فرق في المتيقّن السابق بين أن يكون خصوص أحد الأحكام أو ما يشترك بين الاثنين منها أو الأزيد ، من أمر عامّ.

فإن كان الشكّ في بقاء ذاك العامّ من جهة الشكّ في بقاء الخاصّ الّذي كان في ضمنه وارتفاعه (١) كان استصحابه كاستصحابه بلا كلام (٢).

وإن كان الشكّ فيه من جهة تردّد الخاصّ الّذي في ضمنه بين ما هو باق أو مرتفع قطعا (٣) فكذا لا إشكال في استصحابه ، فيترتّب عليه كافّة ما يترتّب عليه

__________________

ـ كون اليقين وجدانيّا ويحكم بأنّ الظاهر من الأدلّة أنّ الموضوع في الاستصحاب هو الحجّة على الواقع في مقابل اللاحجّة ، وهي جهة جامعة بين اليقين وغيره من الحجج العقلائيّة والشرعيّة ، فيلحق الظنّ المعتبر باليقين ، ويجري الاستصحاب في مؤدّاه ، كما يجري في اليقين الوجدانيّ. الرسائل ١ : ١٢٤.

وذكر السيّد المحقّق الخوئيّ وجها آخر. حاصله : أنّ معنى جعل حجّيّة الأمارات هو جعل الأمارات من أفراد العلم في عالم الاعتبار ، فيكون لليقين فردان : اليقين الوجدانيّ واليقين الجعليّ الاعتباريّ ، فكما لو علمنا ـ علما وجدانيّا ـ بحكم من الأحكام ثمّ شككنا في بقائه نرجع إلى الاستصحاب كذلك إذا قامت الأمارة على حكم ثمّ شككنا في بقائه.

مصباح الاصول ٣ : ٩٩.

(١) معطوف على قوله : «بقاء الخاصّ».

(٢) أي : كان استصحاب الكلّيّ كاستصحاب الجزئيّ بلا كلام.

هذا هو القسم الأوّل من الأقسام الثلاثة لاستصحاب الكلّيّ. وهو ما إذا علم بوجود الكلّي في ضمن فرد معيّن ، ثمّ شكّ في بقاء الكلّي من جهة الشك في بقاء ذلك الفرد ، مثلا : علم بوجود الإنسان في الدار لعلمه بوجود زيد فيها ، ثمّ شكّ في بقاء زيد في الدار ، فيلزم منه الشكّ في بقاء الإنسان الكلّي.

(٣) هذا هو القسم الثاني من استصحاب الكلّي ، وهو ما إذا علم بوجود الكلّي في ضمن فرد مردّد بين طويل البقاء وقصير البقاء ، فيشكّ في بقاء الكلّي بعد مضيّ زمان ، فإن كان الفرد طويل البقاء تيقّن بوجود الكلّيّ في ضمنه في الزمان الثاني ، وإن كان قصير البقاء تيقّن بعدم وجود الكلّي في الزمان الثاني. مثاله : ما إذا علم بخروج سائل مردّد بين البول والمني ، ثمّ توضّأ ، فيتحقّق لديه الشكّ في بقاء كلّيّ الحدث من جهة أنّه إن كان السائل بولا فيكون حدثه أصغر وقد ارتفع بالوضوء جزما ، وإن كان منيّا فيكون حدثه أكبر ولم يرتفع بالوضوء قطعا.

۴۴۳۱