[التنبيه] الثاني عشر : [استصحاب الامور الاعتقاديّة]

انّه قد عرفت (١) أنّ مورد الاستصحاب لا بدّ أن يكون حكما شرعيّا أو موضوعا لحكم كذلك ، فلا إشكال فيما كان المستصحب من الأحكام الفرعيّة أو الموضوعات الصرفة الخارجيّة (٢) أو اللغويّة (٣) إذا كانت ذات أحكام شرعيّة.

وأمّا الامور الاعتقاديّة الّتي كان المهمّ فيها شرعا هو الانقياد والتسليم والاعتقاد ـ بمعنى عقد القلب عليها ـ من الأعمال القلبيّة الاختياريّة (٤) ، فكذا لا إشكال في الاستصحاب فيها حكما وكذا موضوعا فيما كان هناك يقين سابق وشكّ لاحق (٥) ، لصحّة التنزيل (٦) وعموم الدليل (٧).

وكونه أصلا عمليّا إنّما هو بمعنى أنّه وظيفة الشاكّ تعبّدا ، قبالا للأمارات الحاكية عن الواقعيّات ، فيعمّ العمل بالجوانح كالجوارح.

__________________

(١) في التنبيه العاشر ، حيث قال : «إنّه قد ظهر ممّا مرّ لزوم أن يكون المستصحب حكما شرعيّا أو ذا حكم كذلك». راجع الصفحة : ٢٤٩ من هذا الجزء.

(٢) كالماء واللحم وغيرها من موضوعات الأحكام الشرعيّة.

(٣) مثلا : إذا علم أنّ لفظ «الصعيد» ـ وهو موضوع جواز التيمّم ـ حقيقة لغة في مطلق وجه الأرض ، ثمّ شكّ في نقله إلى معنى آخر عند نزول الآية الآمرة بالتيمّم بالصعيد ، فيستصحب بقائه على المعنى السابق ويحكم بجواز التيمّم بمطلق وجه الأرض.

(٤) من دون لزوم تحصيل العلم بها ومعرفة حقيقتها ، كخصوصيّات عالم البرزخ والبعث والحساب والجنّة والنار ، ضرورة أنّ المطلوب فيها شرعا هو التسليم لها والاعتقاد بها على ما هي عليه.

(٥) أمّا الاستصحاب الموضوعيّ : فكما إذا شكّ في بقاء سؤال النكيرين في بعض بقاع الأرض ، فيستصحب بقائه ويترتّب عليه وجوب الاعتقاد به.

وأمّا الاستصحاب الحكميّ : فكما إذا شكّ في بقاء وجوب الاعتقاد بوحشة القبر ، لاحتمال وجوبه على خصوص المسلمين في صدر الإسلام ، فيستصحب وجوبه.

(٦) أي : صحّة تنزيل المشكوك منها منزلة المتيقّن.

(٧) أي : عموم دليل «لا تنقض اليقين بالشكّ».

۴۴۳۱