لا يقال (١) : نعم ، ولكنّه يستكشف منه (٢) على نحو الإنّ (٣) إيجاب الاحتياط من قبل (٤) ، ليصحّ به العقوبة على المخالفة.

فإنّه يقال : إنّ مجرّد إيجابه واقعا ما لم يعلم لا يصحّح العقوبة ، ولا يخرجها عن أنّها بلا بيان ولا برهان ، فلا محيص عن اختصاص مثله (٥) بما يتنجّز فيه المشتبه ـ لو كان ـ ، كالشبهة قبل الفحص مطلقا أو الشبهة المقرونة بالعلم الإجماليّ ، فتأمّل جيّدا (٦).

[الدليل الثالث ، والجواب عنه]

[التقرير الأوّل : العلم الإجماليّ]

وأمّا العقل : فلاستقلاله بلزوم فعل ما احتمل وجوبه وترك ما احتمل حرمته ـ حيث علم إجمالا بوجود واجبات ومحرّمات كثيرة فيما اشتبه وجوبه أو حرمته ممّا لم يكن هناك حجّة على حكمه ـ تفريغا للذمّة بعد اشتغالها ؛ ولا خلاف في لزوم الاحتياط في أطراف العلم الإجماليّ إلّا من بعض

__________________

(١) هذا الإشكال تعرّض له الشيخ الأعظم الأنصاريّ وأجاب عنه بما أشار إليه المصنّف رحمه‌الله بقوله : «لا يصغى إلى ما قيل». وأوضحنا الإشكال والجواب عنه ذيل التعليقة (٥) من الصفحة : ٤٦.

(٢) أي : من التعليل الوارد في الروايات المذكورة.

(٣) وهو العلم بالعلّة من العلم بالمعلول. والمراد من العلّة في المقام هو إيجاب الاحتياط ، ومن المعلول هو الهلكة.

(٤) أي : من قبل ورود هذا الحديث وتشريع إيجاب الاحتياط في الشبهات البدويّة.

(٥) أي : مثل هذا التعليل الوارد في الروايات.

(٦) ولا يخفى عليك : أنّ الأعلام من المتأخّرين المعاصرين قد ذكروا طوائف مختلفة من الروايات الّتي يستدل بها على الاحتياط ، ثمّ أجابوا عنها بوجوه أخر غير ما ذكره المصنّف رحمه‌الله في المتن. فلا نطيل الكلام بذكر ما أفادوه. وإن شئت فراجع نهاية الأفكار ٣ : ٢٤٢ ـ ٢٤٧ ، وفوائد الاصول ٣ : ٣٧٢ ـ ٣٧٨.

۴۴۳۱