[وجوب موافقة المعلوم التامّ الفعليّة مطلقا]

ثمّ إنّ الظاهر أنّه لو فرض أنّ المعلوم بالإجمال كان فعليّا من جميع الجهات

__________________

ـ الأمر أنّ الحكم الواقعيّ المعلوم بالعلم التفصيليّ تامّ الفعليّة إذا كان فعليّا من سائر الجهات. بخلاف المعلوم بالعلم الإجماليّ ، فإنّه يصير تامّ الفعليّة إذا كان فعليّا من سائر الجهات واحرز كونه من القسم الأوّل من الأحكام الفعليّة.

وتعبير آخر : إنّ كلّا من العلم التفصيليّ والإجماليّ يقتضي التنجّز والفعليّة التامّة ، غاية الأمر أنّ العلم التفصيليّ يوجب التنجّز والفعليّة التامّة بمجرّد كون الحكم فعليّا من سائر الجهات ، والعلم الإجماليّ لا يوجبه كذلك ، بل انّما يوجبه بعد كون الحكم فعليّا من سائر الجهات وإحراز كونه من قبيل القسم الأوّل.

الثالث : أنّ المعلوم بالتفصيل والمعلوم بالإجمال في القسم الأوّل واجدان لما يتمّ به العلّة للبعث أو الزجر الفعليّ إذا كانا فعليّين من سائر الجهات ، بخلاف العلم الإجماليّ في القسم الثاني ، فإنّه لم يكن واجدا لما يتمّ به العلّة للبعث أو الزجر الفعليّ ، كما مرّ.

ومن هنا ينقدح دفع ما توهّمه العلّامة المحشّي المشكينيّ وبعض آخر ، من أنّ كلام المصنّف قدس‌سره هاهنا : «بأن يكون واجدا لما هو العلّة التامّة للبعث» ظاهر في أنّ العلم الإجماليّ علّة تامّة للتنجيز كالعلم التفصيليّ. وهذا ينافي ما تقدّم منه في مباحث القطع من أنّ العلم الإجماليّ مقتض للتنجيز ، لا أنّه علّة تامّة للتنجيز. راجع حواشي المشكينيّ على الكفاية ٤ : ١٦٩ ، وعناية الاصول ٤ : ١٤٧ ـ ١٤٨.

والوجه في في دفعه ما مرّ من أنّ مراد المصنّف قدس‌سره من كلامه هاهنا أنّ المعلوم بالإجمال إذا احرز كونه من القسم الأوّل وكان فعليّا من سائر الجهات يصير واجدا لما يتمّ به العلّة للبعث أو الزجر الفعليّ ، فيصير العلم الإجماليّ علّة للتنجّز بعد إحراز أمرين : (أحدهما) أن يكون الحكم المعلوم به فعليّا من سائر الجهات. (ثانيهما) أن يحرز كونه من القسم الأوّل. وهذا لا ينافي كون العلم الإجماليّ في نفسه مقتضيا للتنجّز.

هذا ما أردناه من توضيح كلام المصنّف قدس‌سره حول منجّزيّة العلم الإجماليّ. وقد ذكرنا آراء الأعلام الثلاثة وبعض من تأخّر عنهم حول منجّزيّته في مباحث القطع ، فراجع الجزء الثاني : ٢٦٧ التعليقة (٤).

وأمّا تفصيل البحث عن هذا المطلب فيحتاج إلى ذكر أبحاث كثيرة أخر وبيان آراء الأعلام والنقض والإبرام ، وتركناها خوفا من التطويل المملّ ، فنحيل المحقّقين من الطلاب إلى نهاية الأفكار ٣ : ٢٩٧ ـ ٣٦٦ ، نهاية الدراية ٢ : ٩٢ ـ ١٠٦ و ٥٧٥ ـ ٥٧٦ ، فوائد الاصول ٣ : ٦٥ ـ ٧٤ وغيرها من المطوّلات.

۴۴۳۱