وبالجملة : لا يكاد يشكّ في ظهور القضيّة في عموم اليقين والشكّ ، خصوصا بعد ملاحظة تطبيقها في الأخبار على غير الوضوء أيضا.

[فساد تخصيص الرواية بالشكّ في الرافع] (١)

ثمّ لا يخفى حسن إسناد النقض ـ وهو ضدّ الإبرام (٢) ـ إلى اليقين ، ولو كان متعلّقا

__________________

ـ للعهد تلزمه الإشارة إلى اليقين الناشئ من قبل الوضوء.

الثالث : أنّ استفادة الإطلاق من الكبرى فرع تماميّة مقدّمات الحكمة ، وهي منوط بعدم وجود المتيقّن في مقام التخاطب ، وهو موجود في المقام ، فإنّ المتيقّن هو اليقين المتعلّق بالوضوء. نهاية الأفكار ٤ : ٤٢ ـ ٤٤.

(١) ذهب بعض الأعلام إلى التفصيل بين مورد الشكّ في البقاء لأجل الشكّ في المقتضي وبين الشكّ فيه لأجل الشكّ في الرافع ، فلا يكون الاستصحاب حجّة في الأوّل ، ويكون حجّة في الثاني. ذهب إليه المحقّق الخوانساريّ في مشارق الشموس : ٧٦ ؛ واختاره الشيخ الأعظم في فرائد الاصول ٣ : ٧٨ ؛ وتبعهما المحقّق النائينيّ في فوائد الاصول ٤ : ٣٣٣.

وجدير بالذكر ما أفاد الشيخ الأعظم الأنصاريّ في المقام مقدّمة لإيضاح ما أفاد المصنّف قدس‌سره في مقام الإيراد عليه. ومحصّل كلامه : أنّ حقيقة النقض عبارة عن رفع الهيئة الاتّصاليّة ، كما في نقض الحبل ونقض العزل ، وحيث لم يستعمل النقض في النصّ في هذا المعنى فلا بدّ من حمله على أقرب المجازات. فيدور الأمر بين حمله على رفع الأمر الثابت الّذي له اقتضاء الاستمرار ، وبين حمله على مطلق رفع اليد عن الشيء بعد الأخذ به وإن لم يكن في متعلّقه استعداد الاستمرار. والأوّل هو المتعيّن ، لأنّه أقرب المجازات إلى المعنى الحقيقيّ. وجه الأقربيّة ما تقرّر في محلّه من أنّ الجملة إذا اشتملت على فعل تعلّق بشيء وكان الأخذ بمدلول كليهما متعذّرا ، فيقدّم ظهور الفعل على ظهور متعلّقه ، نظير قول القائل : «لا تضرب أحدا» ، فإنّ ظهور الضرب في العموم يقتضي حمله على الأحياء وغير الأحياء ، والمقرّر في محلّه أنّ الفعل الخاصّ يكون مخصّصا لعموم متعلّقه ، فيكون ظهور الفعل في الخاصّ منشأ لتخصيص «أحد» بالأحياء. وفي المقام أيضا حيث كان إرادة رفع اليد عمّا من شأنه البقاء أقرب إلى المعنى الحقيقيّ للنقض فيتصرّف في عموم متعلّقه ـ أي اليقين ـ ويخصّص بما فيه استعداد البقاء. فرائد الاصول ٤ : ٣٣٣ ـ ٣٣٤.

وأورد عليه المصنّف قدس‌سره بما في المتن من بيان ما هو التحقيق في مفاد مادّة النقض وهيئة «لا تنقض». وما أفاده واضح جدّا.

(٢) كما قال في القاموس : «النقض في البناء والحبل والعهد ضدّ الإبرام». القاموس المحيط ـ

۴۴۳۱