تنبيهات

[حول المقام الأوّل]

الأوّل : [مانعيّة الاضطرار إلى بعض الأطراف عن فعليّة الحكم المعلوم]

انّ الاضطرار كما يكون مانعا عن العلم بفعليّة التكليف لو كان إلى واحد معيّن ، كذلك يكون مانعا لو كان إلى غير معيّن ، ضرورة أنّه (١) مطلقا موجب لجواز ارتكاب أحد الأطراف (٢) أو تركه (٣) تعيينا أو تخييرا (٤) ، وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا.

وكذلك لا فرق (٥) بين أن يكون الاضطرار كذلك (٦) سابقا على حدوث العلم

__________________

ـ الأطراف من الامور الّتي تقدر المكلّف على ارتكابها في الحال.

والتحقيق : أنّ مراد المصنّف قدس‌سره من العبارة هو الوجه الثالث.

وتوضيحه : أنّه لو علم فعليّة التكليف لكان منجّزا ووجبت موافقته ، سواء كانت أطراف العلم الإجماليّ ممّا يتمكّن المكلّف من ارتكابها أيّها شاء في الحال ، فيتعلّق التكليف بها في الحال ، كما إذا علم بحرمة وطء إحدى المرأتين في هذا اليوم أو علم بحرمة شرب أحد الماءين في الحال ، أو كان بعضها ممّا يمكن للمكلّف إرادة ارتكابه في الحال وبعض آخر ممّا يمكن له إرادة ارتكابه في المستقبل ، كما إذا علم بتعلّق النذر بإعطاء درهم إلى الفقير في أحد اليومين من الأحد والاثنين ، وكذا علم بتعلّق العهد بترك إعطائه إلى الفقير في أحد اليومين من الأحد والاثنين ، فلا يعلم أنّ إعطاء الدرهم واجب في يوم الأحد وحرام في الاثنين أو بالعكس ، ومعلوم أنّ أحد العطاءين ـ وهو العطاء في يوم الاثنين ـ أمر استقباليّ لا يتمكّن المكلّف من إرادة فعله في الحال ـ أي في يوم الأحد ـ. والوجه في التنجّز أنّ التدرّج لا يمنع عن فعليّة التكليف المعلوم التامّ الفعليّة ، ضرورة أنّ التكليف كما يصحّ تعلّقه بأمر حاليّ كذلك يصحّ تعلّقه بأمر استقباليّ ، كالحج في الموسم للمستطيع.

وما ذكره المصنّف قدس‌سره في فوائده من المثال يؤيّد حمل كلامه على الوجه الثالث. فراجع فوائد الاصول (للمصنّف) : ٩٧.

(١) أي : الاضطرار.

(٢) في الشبهة التحريميّة.

(٣) في الشبهة الوجوبيّة.

(٤) أمّا تعيينا : ففي الاضطرار إلى المعيّن. وأمّا تخييرا : ففي الاضطرار إلى غير المعيّن.

(٥) في عدم تنجيز العلم الإجماليّ.

(٦) أي : تعيينا أو تخييرا.

۴۴۳۱