نعم ، لو انشئ هذا الحكم ثانيا فلا بأس في أن يكون (١) بلحاظه أيضا ، حيث إنّه صار أثرا بجعل آخر ، فلا يلزم اتّحاد الحكم والموضوع. بخلاف ما إذا لم يكن هناك إلّا جعل واحد ، فتدبّر (٢).

__________________

ـ قطع النظر عن دليل الحجّيّة ـ أثر شرعيّ كي يشمله دليل حجّيّة خبر العادل.

نعم ، يترتّب على إخبار الشيخ وجوب تصديقه بلحاظ كون خبره خبرا عادلا ، إلّا أنّ هذا الأثر ليس ثابتا لخبر الشيخ قطع النظر عن دليل الحجّيّة واعتبار قوله من آية النبأ ومثلها ، بل جاء هذا الأثر من نفس الحكم ـ في مثل الآية ـ بوجوب تصديق خبر العادل ، فيلزم أن يكون الأثر الّذي أخذ موضوعا لوجوب تصديق العادل نفس وجوب التصديق ، فيكون وجوب التصديق موضوعا وحكما ، وهو لا يعقل.

ولا يخفى : أنّه قد أطال الأعلام من المحقّقين في تقريب الإشكال والجواب عنه بوجوه أخر ، تركناها خوفا من التطويل. وإن شئت فراجع فرائد الاصول ١ : ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، فوائد الاصول ٣ : ١٧٧ ـ ١٨٤ ، نهاية الأفكار ٣ : ١٢٠ ـ ١٢٥ ، نهاية الدراية ٢ : ٢٠١ ، أنوار الهداية ١ : ٢٩٧ ـ ٣٠٥ ، مصباح الاصول ٢ : ١٧٩ ـ ١٨٣.

(١) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «فلا بأس بأن يكون».

(٢) وتوضيح كلامه : أنّه يندفع محذور وحدة الموضوع والحكم إذا أنشئ الحكم بوجوب تصديق العادل ثانيا للواسطة الأولى وثالثا للثانية ورابعا للثالثة وهكذا ، فإذا أخبر «الشيخ» عن «المفيد» عن «الصدوق» عن «الصفّار» عن الإمام العسكريّ عليه‌السلام يجب تصديق خبر كلّ واحد من الوسائط ، لوجود ملاك صحّة التعبّد بالأمارات القائمة على الموضوعات الخارجيّة ـ وهو ترتّب الآثار الشرعيّة على تلك الموضوعات ـ في كلّها ، ولا يلزم محذور اتّحاد الحكم والموضوع.

أمّا خبر الصفّار : فيجب تصديقه لكون المخبر به في خبره أثرا شرعيّا ، وهو قول المعصوم عليه‌السلام من حرمة شيء أو وجوبه ، فيشمله الحكم بوجوب تصديق خبر العادل المستفاد من مثل آية النبأ.

وأمّا خبر الصدوق : فيجب تصديقه ، لأنّ المفروض أنّ المولى أنشأ الحكم بوجوب التصديق ثانيا وقال : «صدّق العادل الّذي يحكي خبر من روى قول المعصوم عليه‌السلام» ، فيجب تصديق خبر الصدوق باعتبار هذا الحكم ، ضرورة أنّ الملاك في صحّة التعبّد بهذه الأمارة موجود ، لأنّ المخبر به في خبر الصدوق ـ وهو إخبار الصفّار ـ ذو أثر شرعيّ هو وجوب تصديقه بمقتضى الحكم الأوّلى المستفاد من مثل آية النبأ. وعليه يكون الحكم وجوب التصديق المجعول ثانيا ، والموضوع وجوب التصديق الّذي أنشئ أوّلا ، فلا يلزم اتّحاد الحكم والموضوع حقيقة. ـ

۴۱۹۱