الوجدان الحاكم على الإطلاق في باب الاستحقاق للعقوبة والمثوبة.

[استدلال المحقّق السبزواريّ ، والمناقشة فيه]

ومعه (١) لا حاجة إلى ما استدلّ على استحقاق المتجرّي للعقاب بما حاصله : «أنّه لولاه (٢) مع استحقاق العاصي له (٣) يلزم إناطة استحقاق العقوبة بما هو خارج عن الاختيار ، من مصادفة قطعه الخارجة عن تحت قدرته واختياره ، مع بطلانه وفساده» (٤).

إذ للخصم أن يقول : بأنّ استحقاق العاصي دونه إنّما هو لتحقّق سبب الاستحقاق فيه (٥) ـ وهو مخالفته عن عمد واختيار ـ وعدم تحقّقه فيه (٦) ، لعدم

__________________

ـ ولا يخفى : أنّها معارضة بخلافها ، كما ورد في روايات متعدّدة : «من همّ بسيّئة لم تكتب عليه». وسائل الشيعة ١ : ٣٦ ، الباب ٦ من أبواب مقدّمة العبادات الحديث ٦ و ٧ و ٢٠ و ٢١.

وقد يجمع بين الطائفتين بحمل الطائفة الأولى على القصد مع الاشتغال ببعض المقدّمات. والطائفة الثانية على مجرّد القصد.

وقد يجمع بينهما بحمل الطائفة الأولى على إرادة النيّة مع عدم الارتداع ، والثانية على إرادة النيّة أوّلا ثمّ الارتداع بعد ذلك.

وأورد المحقّق الخوئيّ على الاستدلال بالروايات من وجوه ثلاثة :

الأوّل : أنّها قاصرة من حيث السند أو من حيث الدلالة.

الثاني : أنّ مفادها هو المؤاخذة على نيّة المعصية الواقعيّة وقصد ارتكاب الحرام الواقعيّ ، لا ما يعتقده المكلّف حراما مع عدم كونه حراما واقعا.

الثالث : أنّ غاية ما تدلّ عليه أنّ القصد ممّا يحاسب ويعاقب عليه. وهذا التعبير لا يدلّ إلّا على ما كان العقل مستقلّا به من استحقاق المتجرّي للعقاب. مصباح الاصول ٢ : ٢٩ ـ ٣٠.

(١) أي : مع حكم الوجدان الّذي يشهد بصحّته الآيات والروايات.

(٢) أي : لو لا استحقاق المتجرّي للعقاب.

(٣) أي : للعقاب.

(٤) هذا ما تعرّض له الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ١ : ٣٨ ـ ٣٩. ولعلّه أشار به إلى ما أفاده المحقّق السبزواريّ ـ في مسألة المصلّي الجاهل بالوقت ـ ، فراجع ذخيرة المعاد : ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٥) أي : في العاصي.

(٦) أي : عدم تحقّق سبب الاستحقاق في المتجرّي.

۴۱۹۱