من لا يقصد إفهامه إذا خالف ما تضمّنه ظاهر كلام المولى من تكليف يعمّه أو يخصّه ، ويصحّ به الاحتجاج لدى المخاصمة واللجاج ، كما تشهد به صحّة الشهادة بالإقرار من كلّ من سمعه ولو قصد عدم إفهامه فضلا عمّا إذا لم يكن بصدد إفهامه.

[قول الأخباريّين : عدم حجّيّة ظواهر الكتاب]

ولا فرق في ذلك بين الكتاب المبين ، وأحاديث سيّد المرسلين ، والأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام. وإن ذهب بعض الأصحاب (١) إلى عدم حجّيّة ظاهر الكتاب.

إمّا بدعوى (٢) اختصاص فهم القرآن ومعرفته بأهله ومن خوطب به ، كما يشهد به ما ورد في ردع أبي حنيفة (٣) وقتادة (٤) عن الفتوى به.

أو بدعوى (٥) أنّه لأجل احتوائه على مضامين شامخة ، ومطالب غامضة عالية ، لا يكاد تصل إليها أيدي أفكار اولي الأنظار غير الراسخين العالمين بتأويله ، كيف! ولا يكاد يصل إلى فهم كلمات الأوائل إلّا الأوحديّ من الأفاضل؟ فما ظنّك بكلامه تعالى مع اشتماله على علم ما كان وما يكون وحكم كلّ شيء.

__________________

(١) وهو جماعة من الأخباريّين. راجع الدرر النجفيّة : ١٦٩ ـ ١٧٤ ، والفوائد المدنيّة : ١٧ و ١٢٨.

(٢) تعرّض لها صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٢٤١.

(٣) عن بعض أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنّه قال لأبي حنيفة : «أنت فقيه أهل العراق؟» قال : نعم. قال: «فبم تفتيهم؟» قال : بكتاب الله وسنّة نبيّه. قال : «يا أبا حنيفة! تعرف كتاب الله حقّ معرفته؟ وتعرف الناسخ والمنسوخ؟!» قال : نعم. قال : «يا أبا حنيفة! لقد ادّعيت علما ، ويلك ما جعل الله ذلك إلّا عند أهل الكتاب الّذين أنزل عليهم ، ويلك ولا هو إلّا عند الخاصّ من ذرّيّة نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ...». وسائل الشيعة ١٨ : ٢٩ ـ ٣٠ ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٧.

(٤) دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليه‌السلام ... ، فسأله عن قوله تعالى : ﴿وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ سبأ / ١٨. فقال قتادة : ذلك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتّى يرجع إلى أهله ... فقال أبو جعفر عليه‌السلام ، «ويحك يا قتادة! إنّما يعرف القرآن من خوطب به». الكافي ٨ : ٣١١ ـ ٣١٢.

(٥) كما قال المحدّث الأمين الاسترآباديّ : «والسرّ فيه أنّه لا سبيل إلى فهم مراد الله إلّا من جهتهم عليهم‌السلام ، لأنّهم عارفون بناسخه ...». الفوائد المدنيّة : ١٢٨.

۴۱۹۱