[الإشكال الأوّل ، والجواب عنه]

ولكنّه يشكل : بأنّه ليس لها هاهنا مفهوم ولو سلّم أنّ أمثالها ظاهرة في المفهوم ، لأنّ التعليل بإصابة القوم بالجهالة المشترك (١) بين المفهوم والمنطوق يكون قرينة على أنّه ليس لها مفهوم (٢).

ولا يخفى : أنّ الإشكال إنّما يبتني على كون الجهالة بمعنى عدم العلم ، مع أنّ دعوى أنّها بمعنى السفاهة وفعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل غير بعيدة (٣).

__________________

ـ فيما له من الشأن بالإضافة إلى سنخ الحكم المنشأ ، لأنّ انتفاء شخص الحكم بانتفاء شخص موضوعه أو شخص علّته لا يحتاج إلى دلالة على الحصر ، فالحصر بالإضافة إلى سنخ الحكم. فإن كان الواقع عقيبها معلّقا عليه حقيقة الحكم كانت السببية منحصرة ، ومقتضى انحصار العلّة انتفاء المعلول بانتفائها. وإن كان محقّقا للموضوع كان الموضوع الحقيقيّ منحصرا فيما وقع عقيب الأداة ؛ ومقتضى انحصار موضوع سنخ الحكم في شيء انتفاؤه بانتفائه وإن كان هناك موضوع آخر». نهاية الدراية ٢ : ١٩٨.

(١) وصف لقوله : «التعليل».

(٢) هذا ثاني الإشكالين اللذين تعرّض لهما شيخ الطائفة ، وجعله الشيخ الأعظم الأنصاريّ أحد الإشكالين اللذين لا يمكن دفعهما. فراجع العدّة ١ : ١١٣ ، فرائد الاصول ١ : ٢٥٨ ـ ٢٥٩.

وتوضيح الإشكال : أنّه لو سلّم ثبوت المفهوم في مثل الآية الكريمة في نفسه وبلحاظ الشرط فلا نسلّم ثبوته لهذه الآية الكريمة قد اخذ الشرط مجيء الفاسق معلّلا بإصابة القوم بجهالة ، ومقتضى التعليل أنّ الشرط يدور مدار العلّة. وعليه يكون الشرط مطلق موارد عدم العلم ، لانطباق الجهالة عليها. ولازمه عدم حجّيّة خبر العادل إذا لم يفد العلم ، لأنّه مشمول للمنطوق.

(٣) توضيحه : أنّ الإشكال المذكور مبنيّ على أن يكون المراد من «الجهالة» في قوله تعالى : ﴿أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ عدم العلم. ولكن الأمر ليس كذلك ، بل المراد منها السفاهة والإتيان بما لا ينبغى صدوره من العاقل ، وليس العمل بخبر العادل سفهيّا ولا غير عقلائيّ ، فإنّ العقلاء يعملون بخبر الثقة فضلا من خبر العادل ولو لم يفد العلم. وعليه فلا تعمّ التعليل (أن تصيبوا قوما بجهالة) العمل بخبر العادل.

ولا يخفى : أنّ هذا الجواب حكاه الشيخ الأعظم الأنصاريّ عن بعض في فرائد الاصول ١ : ٢٦١. وتابعة المصنّف في المقام. وارتضى به المحقّق النائينيّ والسيّد الخوئيّ ، فراجع فوائد الاصول ٣ : ١٧١ ـ ١٧٢ ، ومصباح الاصول ٢ : ١٦٣. ـ

۴۱۹۱