بالقبول تعبّدا ، وإمكان أن تكون حرمة الكتمان لأجل وضوح الحقّ بسبب كثرة من أفشاه وبيّنه ، لئلّا يكون للناس على الله حجّة ، بل كان له عليهم الحجّة البالغة.

[الدليل الرابع : آية السؤال]

ومنها : آية السؤال عن أهل الذكر ، ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ(١).

وتقريب الاستدلال بها ما في آية الكتمان (٢).

وفيه : أنّ الظاهر منها إيجاب السؤال لتحصيل العلم ، لا للتعبّد بالجواب.

وقد اورد عليها : بأنّه لو سلّم دلالتها على التعبّد بما أجاب أهل الذكر ، فلا دلالة لها على التعبّد بما يروي الراوي ، فإنّه بما هو راو لا يكون من أهل الذكر والعلم ، فالمناسب إنّما هو الاستدلال بها على حجّيّة الفتوى لا الرواية (٣).

وفيه : أنّ كثيرا من الرواة يصدق عليهم أنّهم أهل الذكر والاطّلاع على رأي الإمام ، كزرارة ومحمّد بن مسلم ومثلهما ، ويصدق على السؤال عنهم أنّه السؤال عن أهل الذكر والعلم ولو كان السائل من أضرابهم (٤) ؛ فإذا وجب قبول روايتهم في مقام الجواب ـ بمقتضى هذه الآية ـ وجب قبول روايتهم ورواية غيرهم من العدول مطلقا ، لعدم الفصل جزما في وجوب القبول بين المبتدأ والمسبوق بالسؤال ، ولا بين أضراب زرارة وغيرهم ممّن لا يكون من أهل الذكر ، وإنّما يروي ما سمعه أو رآه ، فافهم.

[الدليل الخامس : آية الاذن]

ومنها : آية الاذن ، ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ

__________________

(١) النحل / : ٤٣ ، الأنبياء / ٧.

(٢) وهو دعوى الملازمة بين وجوب السؤال ووجوب القبول ، وإلّا يلزم لغويّة وجوب السؤال ، فالآية تدلّ على وجوب القبول.

(٣) هذا الإيراد ذكره الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ١ : ٢٨٧.

(٤) كهشام بن الحكم وأبان بن تغلب.

۴۱۹۱