٤. انّ الذكر الحكيم يصفه سبحانه بأنّه الكاتب لأعمال عباده ويقول : ﴿وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ (١).

ولكن في الوقت نفسه ينسب الكتابة إلى رسله ويقول : ﴿بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٢).

٥. لا شكّ انّ التدبير كالخلقة منحصر في الله تعالى ، والقرآن يأخذ من المشركين الاعتراف بذلك ويقول : ﴿وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ (٣) و ـ مع ذلك ـ يصرّح بمدبّريّة غير الله سبحانه حيث يقول : ﴿فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٤).

٦. إنّ القرآن يشير إلى كلتا النسبتين (أي نسبة الفعل إلى الله سبحانه وإلى الإنسان) في جملة ويقول : ﴿وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى (٥).

فهو يصف النبيّ الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله بالرمي وينسبه إليه حقيقة ويقول : ﴿إِذْ رَمَيْتَ ، ومع ذلك يسلبه عنه ويرى أنّه سبحانه الرامي الحقيقي.

هذه المجموعة من الآيات ترشدك إلى النظريّة الحقّة في تفسير التوحيد في الخالقية وهو ـ كما تقدّم ـ أنّ الخالقية على وجه الاستقلال منحصرة فيه سبحانه ، وغيره من الأسباب الكونية والفواعل الشاعرة إنما

__________________

(١) النساء : ٨١.

(٢) الزخرف : ٨٠.

(٣) يونس : ٣١.

(٤) النازعات : ٥.

(٥) الأنفال : ١٧.

۵۲۸۱