كيف يدّعي المسلمون انغلاق باب النبوّة والرسالة ، مع أنّ صريح كتابهم ناصّ بانفتاح بابهما إلى يوم القيامة حيث يقول :

﴿يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١).

والجواب : أنّ الآية تحكي خطاباً خاطب سبحانه به بني آدم في بدء الخلقة ، وفي الظرف الّذي هبط فيه آدم إلى الأرض ، فالخطاب ليس من الخطابات المنشأة في عصر الرّسالة حتى ينافي ختمها ، بل حكاية للخطاب الصادر بعد هبوط أبينا آدم إلى الأرض ، والشاهد على ذلك أمران :

الأوّل : سياق الآيات المتقدّمة على هذه الآية.

الثاني : قوله سبحانه في موضع آخر : ﴿قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (٢).

فقوله : ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً. يتّحد مضموناً مع قوله : ﴿إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي.

الخاتمية وخلود التشريع الإسلامي

إنّ هاهنا سؤالاً يجب علينا الإجابة عنه ، وهو أنّ توسّع الحضارة يلزم المجتمع بتنظيم قوانين جديدة تفوق ما كان يحتاج إليها فيما مضى ، وبما أنّ

__________________

(١) الأعراف : ٣٥.

(٢) طه : ١٢٣.

۵۲۸۱