موقف أهل البيت عليهم‌السلام

إنّ تاريخ البحث وما جرى على الفريقين من المحن ، يشهد بأنّ التشدّد فيه لم يكن لإحقاق الحقّ وإزاحة الشكوك بل استغلّت كلّ طائفة تلك المسألة للتنكيل بخصومها ، فلأجل ذلك أنّ أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام منعوا أصحابهم من الخوض في تلك المسألة ، فقد سأل الريّان بن الصلت الإمام الرضا عليه‌السلام وقال له : ما تقول في القرآن؟ فقال عليه‌السلام:

«كلام الله لا تتجاوزوه ، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا». (١)

نرى أنّ الامام عليه‌السلام يبتعد عن الخوض في هذه المسألة لما رأى من أنّ الخوض فيها ليس لصالح الإسلام ، وأنّ الاكتفاء بأنّه كلام الله أحسم لمادّة الخلاف. ولكنّهم عليهم‌السلام عند ما أحسّوا بسلامة الموقف ، أدلوا برأيهم في الموضوع ، وصرّحوا بأنّ الخالق هو الله سبحانه وغيره مخلوق ، والقرآن ليس نفسه سبحانه وإلّا يلزم اتحاد المنزِل والمنزَل ، فهو غيره ، فيكون لا محالة مخلوقاً.

فقد روى محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني أنّه كتب علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام إلى بعض شيعته ببغداد ، وفيه : «وليس الخالق إلّا الله عزوجل وما سواه مخلوق ، والقرآن كلام الله لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالّين». (٢)

__________________

(١) التوحيد للصدوق : الباب ٣٠ ، الحديث ٢.

(٢) المصدر السابق : الحديث ٤.

۵۲۸۱