حفظ إيمانه ، مخلّداً في النار ، ويكون نظير من أشرك بالله تعالى مدّة عمره وهو قبيح عقلاً محال على الله سبحانه. (١)

واستدلّت المعتزلة على خلود الفاسق في النّار بإطلاق الآيات الواردة في الخلود ، ولكنّ المتأمّل في الآيات يقف على قرائن تمنع من الأخذ بإطلاقها ولا نرى ضرورة في التعرّض لها. (٢)

٧. كيف يصحّ الخلود مع كون الذنب منقطعاً؟

إنّ من السنن العقلية المقرّرة رعاية المعادلة بين الجرم والعقوبة ، وهذه المعادلة منتفية في العذاب المخلّد ، فإنّ الذنب كان موقتاً منقطعاً.

والجواب عنه أمّا أوّلاً : فإنّ المراد من المعادلة بين الجرم والعقوبة ليس هو في جانب الكمّيّة ومن حيث الزمان ، بل في جانب الكيفيّة ومن حيث عظمة الجرم بلحاظ مفاسده الفردية أو النوعية ، كما نرى ذلك في العقوبات المقرّرة عند العقلاء لمثل القتل والإخلال في النظم الاجتماعي ، ونحو ذلك ، فالجرم يقع في زمان قليل ومع ذلك فقد يحكم عليه بالأعدام والحبس المؤبَّد.

وأمّا ثانياً : «فإنّ العذاب في الحقيقة أثر لصورة الشّقاء الحاصلة بعد تحقّق علل معدّة وهي المخالفات المحدودة وليس أثراً لتلك العلل

__________________

(١) لاحظ : كشف المراد ، المقصد ٦ ، المسألة ، ٨.

(٢) راجع في ذلك : الإلهيات : ٢ / ٩٠٦ ـ ٩١١ الطبعة الأُولى ؛ ومنشور جاويد : ج ٩ ، فصل ٢٦ ، وهو تفسير موضوعي للقرآن الكريم لشيخنا الأُستاذ ـ دام ظلّه ـ (فارسي).

۵۲۸۱