وأمّا الثاني فروى أصحاب السِّيَر والتاريخ أنّ الوليد سكر وصلّى الصبح بأهل الكوفة أربعاً ثمّ التفت إليهم وقال : هل أزيدكم (١)
وهذا قدّامة بن مظعون صحابي بدري ، روي أنّه شرب الخمر ، وأقام عليه عمر الحدّ (٢) ولا درأ عنه الحدّ بحجّة أنّه بدري ، ولا قال : قد نهي رسول الله صلىاللهعليهوآله عن ذكر مساوئ الصحابة ، كما أنّ المشهور (٣) أنّ عبد الرحمن الأصغر بن عمر بن الخطاب ، قد شرب الخمر وضربه عمر حدّاً فمات ، وكان ممّن عاصر رسول الله صلىاللهعليهوآله.
إنّ بعض الصحابة خضب وجه الأرض بالدماء ، فاقرأ تاريخ بسر بن أرطاة ، حتى أنّه قتل طفلين لعبيد الله بن عباس ، وكم وكم بين الصحابة لدَّة هؤلاء من رجال العيث والفساد ، قد حفل التاريخ بضبط مساوئهم ، أفبعد هذه البيّنات يصحّ التقوّل بعدالة الصحابة مطلقاً؟!
إنّ النظرة العابرة لتاريخ الصحابة تقضي بأنّ بعضهم كان يتّهم الآخر بالنفاق والكذب (٤) ، كما أنّ بعضهم كان يقاتل بعضاً ويقود جيشاً لمحاربته ، فقتل بين ذلك جماعة كثيرة ، أفهل يمكن تبرير أعمالهم من الشاتم والمشتوم ، والقاتل والمقتول ، وعدّهم عدولاً ومثلاً للفضل والفضيلة؟!
__________________
(١) راجع : الكامل لابن الأثير : ٣ / ١٠٥ ـ ١٠٧ ؛ أُسد الغابة : ٥ / ٩١.
(٢) أُسد الغابة : ٤ / ١٩٩ ؛ وسائر الكتب الرجالية.
(٣) نفس المصدر : ٣ / ٣١٢.
(٤) راجع في ذلك : صحيح البخاري : ٥ / ١٨٨ ، في تفسير سورة النور ، مشاجرة سعد بن معاذ مع سعد بن عبادة في قضية الإفك.