وإذا نذر أن يقرأ القرآن متوضئاً ونذر أيضاً أن يدخل المسجد متوضئاً فلا يتعدّد حينئذ ويجزئ وضوء واحد عنهما وإن لم ينو شيئاً منهما ولم يمتثل أحدهما ، ولو نوى الوضوء لأحدهما كان امتثالاً بالنسبة إليه وأداء بالنسبة إلى الآخر ، وهذا القول قريب.


مستقل ، وهذا كما إذا نذر إكرام عالم ونذر أيضاً إكرام هاشمي من غير أن ينذر تغايرهما في الوجود ، فإنه إذا أكرم عالماً هاشمياً فقد وفى بنذره ، وهذا مما لا إشكال فيه.

وثالثة ينذر أن يوجد وضوءاً يوصله إلى القراءة ، وينذر أيضاً أن يوجد وضوءاً ثانياً يوصله إلى الزيارة ، وحينئذ لا مناص من التعدّد في الوضوء ، وهذا لا من جهة تعدّد الوضوء في نفسه من قبل غاياته ، بل قد عرفت أن الوضوء لا يحتاج إلى التعدّد من ناحيتها ، فإن له أن يتوضأ بوضوء واحد ويأتي بجميع غاياته ، وإنما التعدّد من جهة نذره التعدّد بحيث لو أتى به مرّة واحدة يجوز له أن يدخل معه في الصلاة ويأتي بغيرها من غاياته ، إلاّ أنه لا يكون وفاء لنذره لأنه قد نذر التعدّد هذا.

وقد يقال في هذه الصورة إنّ نذر التعدّد حينئذ لا يخلو عن إشكال ، لأن الوضوء من قبل غاياته إذا لم يكن متعدِّداً في الشريعة المقدّسة لكفاية الوضوء الواحد في الإتيان بجميع غاياته ، فإن الطبيعة واحدة ولا يتعدّد من قبل غاياتها ، فكيف يكون النّذر موجباً للتعدّد؟ لأن النّذر لا يصلح أن يكون مشرعاً للتعدّد فيما لا تعدّد فيه شرعاً ، لوجوب مشروعيّة المنذور مع قطع النظر عن النّذر.

ولكن الصحيح أنه لا مانع من نذر التعدّد ، وذلك لأن كلامنا في أن المأمور به متعدِّد أو واحد في قول الماتن : ( إنه لا إشكال في تعدّد الأمر ، وإنما الكلام في تعدّد المأمور به وعدمه ) إنما هو في أن المأمور به طبيعة واحدة ولا يتعدّد من قبل غاياتها أو أنها طبائع متعدِّدة بتعدّد غايات الوضوء ، كما قالوا بذلك في الغسل من ناحية‌

۴۴۰