الأيسر مرّتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه (١) ، بدعوى أن الظاهر منها ومن غيرها ممّا هو بهذا المضمون أن الغسل ثلاثة أجزاء غسل الرأس وغسل الجانب الأيمن وغسل الجانب الأيسر ، فلو لم يعتبر الترتيب بين الجانبين لما كان له أجزاء ثلاثة ، بل كان له جزءان غسل الرأس وغسل البدن. وعلى ما ببالي أنّ الفرّاء يرى مجي‌ء واو العاطفة للترتيب الذكري (٢) ، ومعه يكون عطف الجانب الأيسر على الأيمن بكلمة « واو » دالاًّ على لزوم الترتيب بينهما. وللإجماع على اعتبار الترتيب بين الجانبين كما يعتبر بين الرأس والبدن.

ولكن الصحيح عدم اعتبار ذلك ، لأن الإجماع الكاشف عن رأي المعصوم عليه‌السلام غير حاصل في المسألة مع ذهاب جملة من أكابر الفقهاء كالبهائي (٣) والأردبيلي (٤) وصاحب المدارك (٥) والذخيرة (٦) إلى عدم الاعتبار ، وأما أن واو العاطفة تدلّ على الترتيب فهو خلاف المتسالم عليه بين الأُدباء لأنها إنما تدلّ على مطلق الجمع دون الترتيب.

وأمّا الصحيحة وغيرها ممّا هو بمضمونها فيدفعه أنه لا دلالة لها على أنّ الغسل له أجزاء ثلاثة بل له جزءان ، وإنما عبّر بغسل الرأس ثمّ الجانب الأيمن والجانب الأيسر لأن الماء في مفروض الروايات هو الماء القليل ، والكيفية المتعارفة العاديّة في غسل البدن بالماء القليل إنما هو غسل الرأس ثمّ أحد الجانبين ثمّ الجانب الآخر ، وليس ذكره كذلك لكونه واجباً معتبراً في الغسل.

بل يمكن القول بدلالتها على عدم لزوم الترتيب بين الجانبين ، وذلك لأنّ معنى الترتيب أنّ النصف الأيمن لا بدّ أن يغسل بتمامه قبل النصف الأيسر ، والروايات دلّت‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٢٩ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٢.

(٢) مغني اللّبيب : ٤٦٤.

(٣) حبل المتين : ٤١.

(٤) لم نعثر على رأيه.

(٥) المدارك ١ : ٢٩٥.

(٦) الذخيرة : ٥٦ / السطر ١٨.

۴۴۰