المبلول سريع الجريان. وعلى كلا التقديرين لو لم تكن الرقبة داخلة تحت الرأس في الغسل لتبقى غير مغسولة ، وذلك لأن صبّ الماء على الصدر والكتف لا يوجب غسل الرقبة لأنها فوقهما هذا.

وقد يقال : إنّ الرقبة داخلة في البدن ، ويستدلّ عليه بصحيحة أبي بصير حيث ورد فيها « وتصب الماء على رأسك ثلاث مرات وتغسل وجهك ... » (١) ، ونظيرها صحيحة يعقوب بن يقطين ، لما ورد فيها من قوله عليه‌السلام : « ثمّ يصب على رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كلِّه » (٢) فان غسل الرأس إذا لم يشمل غسل الوجه فلا يشمل غسل الرقبة بطريق أولى. وهذا القول هو الذي نقله في الحدائق عن بعض معاصريه الشيخ عبد الله بن صالح البحراني قدس‌سره (٣).

وفيه : أنّه إن أُريد بذلك أن الوجه والرقبة خارجان عن مفهوم الرأس لغة لأنه اسم لمنبت الشعر من فوق الاذن فهو مما لا كلام فيه ، وإن أراد أن الرقبة والوجه لا يغسلان مع غسل الرأس مقدّماً على غسل البدن فلا دلالة عليه في شي‌ء من الروايتين ، بل هما يغسلان بغسله ، وإنما أمره بغسل الوجه إما لاستحبابه في نفسه ولو مع غسله بغسل الرأس وإما لأجل الاهتمام به. وقد احتاط الماتن بغسل نصف الرقبة ثانياً مع الجانب الأيسر ونصفها كذلك مع الجانب الأيمن ، وهو احتياط استحبابي لا بأس به.

هل يعتبر الترتيب بين الجانب الأيمن والأيسر؟

الجهة الثالثة : في أن الترتيب كما يعتبر في الرأس والبدن هل يعتبر بين الجانب الأيمن والأيسر؟ المعروف هو اعتباره بينهم مستدلاًّ على ذلك بما ورد في صحيحة زرارة من صبّ الماء على رأسه ثلاثاً ثمّ صبّه على المنكب الأيمن مرّتين وعلى المنكب‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٣١ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٩.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٤٦ / أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ١.

(٣) الحدائق ٣ : ٦٥.

۴۴۰