غسل الجنابة فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيل؟ قال : الجنب يغتسل يبدأ فيغسل يديه إلى المرفقين قبل أن يغمسهما في الماء ، ثمّ يغسل ما أصابه من أذى ، ثمّ يصب على رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كلّه ، ثمّ قد قضى الغسل ولا وضوء عليه » (١).

والكلام في تقييد المطلقات بالمقيّدات المتقدّمة وعدمه ، وذلك لأن هذه المطلقات ليست بأقوى من سائر المطلقات الواردة في الفقه ، حيث إنّها بناء على كونها في مقام البيان من تلك الجهة أعني جهة الترتيب وإن كان لها ظهور في الإطلاق إلاّ أن ظهور المقيّد في التقييد حاكم على ظهوره ومانع عن حجيّته إذا كان منفصلاً ، ومانع عن أصل انعقاده لو كان متصلا.

على أنّه يمكن أن يقال بعدم كونها في مقام بيان أن الواجب في الغسل أي شي‌ء لأنها إنما وردت لبيان آدابه وكيفياته لا لبيان الأُمور الواجبة فيه ، ومن هنا تعرض لجملة من المستحبات ولم يتعرّض لاعتبار الترتيب ، فلو لم يكن الترتيب بين الرأس والبدن واجباً فلا أقل من أنه مستحب ، للأمر به في الأخبار من قوله : « صبّ على رأسه ثلاث أكف ثمّ صبّ على منكبه الأيمن مرّتين » (٢) ... وقوله : « ثمّ ليصب على رأسه ثلاث مرّات ... » (٣). وقوله : « تبدأ بكفّيك ... » (٤) فإنّ الأمر لو لم يفد الوجوب فلا أقل من إفادته الاستحباب ، وللتأسِّي به عليه‌السلام حيث إنه كما في صحيحة زرارة بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ثمّ صبّ على رأسه ثلاث أكف ثمّ صب على منكبه الأيمن مرّتين ... (٥) ومع ذلك لم يتعرض لبيانه ولم يدلّ على استحبابه ، وهذا أيضاً قرينة على وجوبه ، وإنما لم يتعرّض له لعدم كونها في مقام البيان من تلك الجهة. فالإنصاف أن المناقشة في دلالة الروايات على اعتبار الترتيب بين الرأس والبدن في غير محلّها. هذا كلّه في الجهة الأُولى.

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٤٦ / أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ١.

(٢) تقدّم ذكرهما في ص ٣٦٧.

(٣) تقدّم ذكرهما في ص ٣٦٧.

(٤) المتقدِّم في ص ٣٦٦.

(٥) تقدّم ذكرها في ص ٣٦٧. ومضمونها ليس فعلاً صادراً منه عليه‌السلام.

۴۴۰