ولا يجب فيه قصد الوجوب والندب ، بل لو قصد الخلاف (١) لا يبطل إذا كان مع الجهل بل مع العلم إذا لم يكن بقصد التشريع (*) وتحقق منه قصد القربة ، فلو كان‌


وما عن أبي الحسن من أن المقدّمة لو لم تجب شرعاً جاز تركها ، فلو جاز تركها جاز ترك الواجب وذي المقدّمة (٢) ، مندفع بأن عدم وجوب المقدّمة شرعاً غير ملازم لجواز تركها عند العقل ، لأنه مستقل بلزوم إتيانها كما مرّ هذا.

على أن لنا أن نقلب الدعوى بأن نقول : هب أنّا التزمنا بالوجوب النفسي في جميع تلك المقدّمات التي لا يمكن الإتيان بها في وقت الواجب فهل تلتزمون بوجوبها الغيري ولو مندكاً في وجوبها النفسي ، أو لا تلتزمون به وإنما هو واجب نفسي فقط فان أنكرتم وجوبها الغيري فليزمكم القول بتعدد العقاب عند ترك الواجب لترك مقدّمته ، ولا يمكن الالتزام به. وإن اعترفتم بوجوبها الغيري فتعود المناقشة السابقة وأنه كيف وجبت المقدّمة قبل وجوب ذيها. فما هو الجواب عن المحذور حينئذ هو الجواب عن محذور وجوب غسل الجنابة قبل الفجر.

فتحصل : أن غسل الجنابة ليس بواجب نفسي ، ولا قائل به أخيراً ، كما لا دليل عليه وإن كانت له رنة في تلك الأزمنة من جهة عدم تصويرهم الواجب المعلق.

هل يعتبر قصد الوجوب أو الندب في صحّة الغسل؟

(١) قدّمنا أن غسل الجنابة ليس بواجب نفسي ، كما أنه غير متّصف بالوجوب الغيري على ما ذكرناه في محلِّه من عدم وجوب مقدّمة الواجب شرعاً (٣) ، وعليه فهو مستحب نفسي فقط وغير متصف بالوجوب أبداً. وبما أنه أمر عبادي كما هو المتسالَم عليه بين المسلمين فضلاً عن الإمامية فلا بدّ من أن يؤتى به بقصد القربة والامتثال‌

__________________

(*) كيف لا يكون تشريعاً والمفروض أنه قصد الخلاف عالما.

(١) كما حكاه عنه في كفاية الأُصول : ١٢٧.

(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٤٣٨.

۴۴۰