بقي من الأخبار رواية واحدة وهي ما رواه يونس بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال « قيل له وأنا حاضر : الرجل يكون في صلاته خالياً فيدخله العجب فقال إذا كان أوّل صلاته بنيّة يريد بها ربّه فلا يضره ما دخله بعد ذلك فليمض في صلاته وليخسأ الشيطان » (١) حيث قد يتوهم دلالتها على بطلان العبادة بالعجب المقارن إذا كان في أوّلها ، لقوله عليه‌السلام : « إذا كان أوّل صلاته » إلاّ أنها كسابقتها قاصرة الدلالة.

أمّا من حيث سندها فربّما يتوهم أن علي بن إبراهيم إنما يروي عن محمّد بن عيسى بواسطة أبيه إبراهيم بن هاشم كما في جامع الرواة (٢) وغيره ولم تثبت روايته عن محمّد بن عيسى بلا واسطة ، والواسطة لم تذكر في السند ، مضافاً إلى أن في نفس محمّد ابن عيسى كلاماً ، وفي روايته عن يونس كلاماً آخر ، على أنها ضعيفة بيونس بن عمار لعدم توثيقه في الرجال. ويدفعه ما قرّرناه في محلِّه من رواية علي بن إبراهيم عن الرّجل بلا واسطة ، وأن محمّد بن عيسى في نفسه قابل للاعتماد عليه ، كما لا بأس برواياته عن يونس فلاحظ (٣). نعم يونس بن عمار لم يوثق في الرجال ولكنّه حيث وقع في أسانيد كامل الزيارات فلا بدّ من الحكم بوثاقته.

وأما من حيث دلالتها فلأنه لا بدّ من حمل الرواية على معنى آخر ، لعدم إمكان حملها على ظاهرها من جهة القرينة العقلية واللفظية. أما العقلية فللقطع بأن العجب لو كان مبطلاً للعمل فلا يفرق فيه بين تحققه أوّل العبادة وبين حدوثه في أثنائها أو في آخرها. وأما القرينة اللفظية فهي قوله عليه‌السلام : « وليمض في صلاته وليخسأ الشيطان » حيث إن العجب إذا تحقق وقلنا بكونه مبطلاً للعمل فلا معنى للمضي فيه لإخساء الشيطان ، لأنه باطل على الفرض ، وعليه فلا بدّ من حملها على الوسوسة الطارئة على الإنسان بعد دخوله في العبادة ، لأن الشيطان عدو عجيب للإنسان ، فقد‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ١٠٧ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٤ ح ٣.

(٢) لم نعثر على ذلك فيه.

(٣) معجم رجال الحديث ١٨ : ١٠٣ ١١٣.

۴۴۰