نفسه أو استأجره للطواف أو لغير ذلك من المحرمات ، فهل يحكم ببطلان الإجارة حينئذ مطلقاً ، أو يحكم بصحّتها كذلك ، أو يفصل بين صورتي الجهل والعلم؟ ذهب الماتن إلى بطلان الإجارة مطلقاً وحكم بعدم استحقاق الأجير الأُجرة لأنها من الأُجرة على الحرام هذا.

ولكن الصحيح أن يفصل بين صورتي العلم بالجنابة والجهل بها ، وذلك لأن المحرّم قد يلغي الشارع ماليته كما في التغني ونحوه من الأفعال المحرمة لما ورد من أن اجرة المغنية سحت (١). ففي مثل تلك المحرمات تقع الإجارة باطلة بلا فرق بين صورتي العلم والجهل بها ، وذلك لعدم ماليتها وملكيّتها. ويستكشف ذلك من ملاحظة ما إذا اضطر أو أُكره أحد على التغني ساعة مثلاً ، لأنه مع عدم حرمته حينئذ في حقّه لا يستحق أخذه الأُجرة على عمله ، وليس هذا إلاّ من جهة أن العمل مما لا مالية له فأخذه الأُجرة على مثله أمر غير جائز لا محالة.

ولا ينتقض علينا بافتضاض البكر بالأصابع أو بالإدخال وبالدخول على الثيب إكراهاً فإنهما يوجبان ثبوت مهر المثل على المشهور وإن خالف الشيخ في ذلك ، لأنا لو قلنا بثبوت مهر المثل بذلك مع الغض من دليله لأنه قابل للمناقشة فهو أمر آخر ليس بأُجرة للعمل بوجه ، وكم فرق بين اجرة المثل لوطء امرأة والاستفادة منها ساعة وبين مهر مثلها ، لأنه مهرٌ مثل الزوجة الدائمية وإنما ثبت بالدليل ، وهذا لا يدلّ على عدم إلغاء الشارع مالية العمل.

وأُخرى لا يلغي الشارع مالية المحرّم وإنما يمنع عن ارتكابه ، وفي مثله لا مانع من صحّة الإجارة إذا أمكنه تسليم العمل إلى المستأجر ، وذلك لأن الحرمة بما هي هي أعني الأمر الاعتباري غير منافية للملكيّة بوجه ، فإذا أُكره أحد على فعله كما إذا أُكره الجنب على قراءة سور العزائم مدّة معيّنة فلا مانع من أن يأخذ عليها الأُجرة مع‌

__________________

(١) الوسائل ١٧ : ٣٠٧ / أبواب ما يكتسب به ب ٩٩ ح ١٧. ويدلّ على ذلك أيضاً أكثر الروايات المذكورة في باب ١٥.

۴۴۰