ظاهراً لجهل الأجير بجنابته فتصح إجارته ويستحق بذلك الأُجرة. وأما إذا كان عالماً بجنابته وحرمة دخوله المسجد فلا ينبغي الإشكال في بطلان الإجارة ، لأنها وإن وقعت على أمر مباح إلاّ أنه غير متمكن من تسليمه للمستأجر لتوقفه على أمر محرم شرعاً ، ولا يجتمع النهي عنه مع الأمر بإتيانه من جهة الإجارة فتفسد.

وذكر الماتن أن الأجير في هذه الصورة لا يستحق اجرة. والظاهر أنه أراد بها الأُجرة المسمّاة ، لأن الإجارة إذا بطلت لم يستحق الأجير أُجره المسمى قطعاً لفساد الإجارة ، وأما اجرة المثل فلا ، حيث إن العمل صدر بأمر من المستأجر فيضمن اجرة مثله ، كما هو الحال في بقيّة موارد الإجارة الفاسدة.

الثانية من الصور‌

وأما الصورة الثانية فقد فصل فيها الماتن بين ما إذا كنس المسجد في حال جنابته وكان جاهلاً بأنه جنب أو ناسياً فيستحق الأُجرة ، لعين ما مرّ في الصورة الأُولى عند جهل الأجير بجنابته ، وبين ما إذا كنسه في حال الجنابة مع العلم بجنابته فحكم بعدم استحقاقه الأُجرة ، لأنها اجرة على العمل المحرّم لحرمة مقدّمته ، ولا يجوز أخذ الأُجرة على العمل المحرّم. ولا يمكن المساعدة عليه ، لأن الأجير استحق الأُجرة بمجرد عقد الإجارة حيث وقعت على أمر جامع بين الفرد المحلل وغيره ، ولا إشكال في صحّة الإجارة عليه ، لأن الكنس بما هو أمر حلال ، والأُجرة إنما وقعت بإزاء الحلال دون الحرام. فلا فرق في صحّة الإجارة حينئذ بين صورتي العلم بالجنابة والجهل بها وبها يستحق الأُجرة ، وعمله الخارجي أجنبي عن الإجارة كما هو ظاهر.

الثالثة من الصور‌

أمّا الصورة الثالثة أعني ما إذا وقعت الإجارة على أمر محرم في نفسه كما إذا استأجر الجنب للمكث في المسجد أو لوضع شي‌ء فيه ، لما قدّمناه من أنه حرام في‌

۴۴۰