الصوم الواجب غير صوم رمضان أدائه وقضائه كالصوم المندوب لا يعتبر فيه الطّهارة من الحدث الأكبر ، وذلك لعدم الدليل على اعتبارها ، وهو يكفي في الحكم بعدم الاشتراط وجواز البقاء على الجنابة فيه.

وأمّا ما عن المحقِّق الهمداني قدس‌سره من أنّ شيئاً إذا أُثبتت شرطيته لفرد من أفراد الواجب مثلاً ثبتت لغيره من أفراد الطبيعة الواجبة لاتحادهما بحسب الماهيّة والحقيقة ، ومع شرطية شي‌ء للماهية لا يختص الشرطية بفرد دون فرد ، وعلى ذلك جرت عادة الفقهاء قدس‌سرهم فإن الصلاة مثلاً إذا قلنا إنها متقوِّمة بسجدتين وركوع واحد ثمّ أطلقنا لفظة الصلاة في مورد آخر وقلنا إنها مستحبّة مثلاً يتبادر منها إلى الأذهان تلك الصلاة التي اشترطنا فيها السجدتين والركوع. وفي المقام حيث اشترطنا في الصوم الواجب في شهر رمضان عدم البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر فلا محالة تثبت شرطية ذلك لسائر الأفراد الواجبة أيضاً لاتحادها بحسب الماهية والحقيقة.

ففيه : أن ما أفاده وإن كان متيناً في نفسه إلاّ أنه إنما يتمّ فيما إذا لم يثبت عدم اشتراط الماهية بذلك الشرط ، وفي المقام قد ثبت بمقتضى الإطلاقات عدم اشتراط ماهية الصوم بالاجتناب عن البقاء على الجنابة ، وذلك لما ورد من أنّ الصائم لا يضرّه أي ما صنع إذا اجتنب خصالاً ثلاثة أو أربعاً : الأكل والشرب ، والنساء والارتماس (١) باعتبار عد الأكل والشرب واحداً أو اثنين فمنه يستفاد أن الاجتناب عن البقاء على الجنابة أو الكذب على الله ورسوله ونحوهما من الأُمور المشترطة في محلها إنما هي من الأوصاف والشرائط المعتبرة في شخص الصوم الواجب في رمضان وفي قضائه وليست وصفاً للماهية لتسري إلى جميع أفرادها.

هذا كلّه في الصوم الواجب المعيّن ، وأما غير المعيّن فالأمر فيه أظهر ، لأنا لو كنا اشترطنا الطّهارة في الواجب المعيّن لم نكن نشرطها في غير المعيّن ، وذلك للتعليل الوارد في عدم اشتراط الطّهارة في الصوم المستحب أعني قوله عليه‌السلام : « أليس‌

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ٣١ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك ب ١ ح ١.

۴۴۰