ومنها : صحيحة حبيب الخثعمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي صلاة اللّيل في شهر رمضان ثمّ يجنب ثمّ يؤخر الغسل متعمداً حتى يطلع الفجر » (١) ولا يرد على هذه الصحيحة ما أوردناه على صحيحة حمّاد بن عثمان المروية عن المقنع من منافاتها لما علمناه من وجوب صلاة اللّيل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنها فرضت جنابته صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد منتصف اللّيل وإتيانه بصلاته.

إلاّ أنّ منافاتها لما نقطع به من أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن يستمر على أمر مكروه باقية بحالها ، لأنها أيضاً ظاهرة في أن ذلك كانت عادته حيث قال : « كان رسول الله » فلا مناص من حملها على التقيّة لذهاب العامّة إلى ذلك ، ومع ذلك لا وجه للتردد في المسألة أو الميل إلى عدم الاشتراط ، لانحصار المعارض بصحيح حمّاد بن عثمان وحبيب الخثعمي ، ولأجل موافقتهما للعامّة (٢) ومخالفتهما لما نقطع به من دأبه صلى‌الله‌عليه‌وآله نحملهما على التقيّة كما مرّ. على أنهما روايتان شاذّتان ولا يمكن الأخذ بالشاذ في مقابل الرواية المشهورة وهي الطائفة الأُولى المتقدّمة.

هذا وعن بعضهم وأظنّه السبزواري قدس‌سره الجمع بين هاتين الطائفتين بحمل الطائفة الأُولى على استحباب القضاء وأفضلية ترك البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر (٣). وفيه : أن ظاهر تلك الطائفة بطلان الصوم بالبقاء على الجنابة لا مجرّد حرمته ، كما أن الطائفة الثانية ظاهرة في صحّته فهما متنافيتان ، ولا يمكن الجمع بين البطلان والصحّة وإنما كان يمكن ذلك فيما إذا كانت الطائفة الأُولى مشتملة على مجرّد الحرمة الشرعية. فالصحيح ما ذكرناه من حمل الطائفة الثانية على التقيّة هذا.

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ٦٤ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك ب ١٦ ح ٥.

(٢) المغني لابن قدامة ٣ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤ ، الموطأ ١ : ٢٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٠٧.

(٣) الذخيرة : ٤٩٨ / السطر ١.

۴۴۰