منها : ما عن الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « قال إبليس : إذا استمكنت من ابن آدم في ثلاث لم أُبال ما عمل ، فإنه غير مقبول منه ، إذا استكثر عمله ، ونسي ذنبه ، ودخله العجب » (١) ، والرواية لا بأس بها سنداً ، لأن والد البرقي وهو محمّد بن خالد وإن كان فيه كلام إلاّ أنا قدمنا وثاقته ، ولكن موردها هو العجب المقارن دون المتأخِّر لأن إبليس إنما لا يبالي بما عمله ابن آدم بعد استمكانه منه لا قبله ، فالأعمال المتقدمة منه السابقة على استمكان اللعين مما يبالي بها لصحّتها وعدم بطلانها بالعجب المتأخر ، وإنما لا يبالي بما عمله بعد استمكانه بتحقّق أحد الأُمور المذكورة في الحديث ، فموردها العجب المقارن لا محالة.

ولكنّها لا دلالة لها على بطلان العمل بالعجب المقارن ، لأن عدم المبالاة إنما يصح إطلاقه في العمل المقتضي للمبالاة في نفسه ، فقوله « لا أُبالي » يدلّ على صحّة العمل المقارن بالعجب ، وإلاّ فلو كانت العبادة باطلة به لما صح إطلاق عدم المبالاة حينئذ لأنها ممّا يسرّ الشيطان حيث إنها إذا كانت باطلة فالإتيان بها يكون محرماً للتشريع وحيث أن همّه إدخال العباد في الجحيم وإبعادهم عن الله جلّت عظمته فيفرح بارتكابهم للمحرم المبعد عنه سبحانه ، ولا معنى لعدم المبالاة إلاّ في العمل الصحيح إلاّ أنه لا يعتني به ولا يتوحّش لطرو العجب المزيل لثوابه والمانع عن حصول التقرب به وإن كان صحيحاً في مقام الامتثال.

ومنها : ما عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الله تعالى : إن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيجتهد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي ، فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظراً مني له وإبقاء عليه فينام حتى يصبح فيقوم وهو ماقت زارئ لنفسه عليها ، ولو اخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك ، فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٩٨ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٢ ح ٧.

۴۴۰