قوّيناه من كونها ظاهرة في أنه لا يعتني بما يخرج منه هذا. ولكن الظاهر عدم إمكان الاعتماد عليها. أمّا أوّلاً : فلضعف سندها ، لأن طريق الشيخ إلى العياشي ضعيف. وأما ثانياً : فلأنه من البعيد عادة أن يسأل رأو واحد من إمام واحد مسألة واحدة ثلاث مرات ويجيبه الإمام عليه‌السلام في كل مرّة بعبارة غير العبارة الأُخرى ، فالمظنون بل المطمأن به أنها بأجمعها أو ببعضها منقولة بالمعنى إما من محمّد بن مسلم أو من غيره ، وحيث إنا لا ندري أن الألفاظ الصادرة عنه عليه‌السلام أية لفظة فلا محالة نتوقف عن الاعتماد عليها فلا يمكن الحكم بوجوب الوضوء على المبطون في أثناء صلاته هذا.

على أنا لو أغمضنا عن ذلك وبنينا عل أنها منقولات بألفاظها أيضاً لا يمكننا العمل بمقتضى الأخيرة ، بل لا بدّ من حملها على الاستحباب ، لأن ظهور التعليل في العموم في قوله في موثقة سماعة (١) : إنه بلاء ابتلي به ولا يعيدن حيث يدلّ على عدم وجوب الوضوء في شي‌ء من الأحداث غير الاختيارية أقوى من ظهور الأمر في الوجوب في قوله في الأخيرة : « يتوضأ ثمّ يرجع » فلا مناص من حملها على الاستحباب. بل يمكن أن يقال : إن البطن بمعنى صاحب مرض البطن فتوصيفه بالغالب كاشف عن إرادة ما إذا لم ينقطع عنه الغائط بوجه بل يخرج مستمراً ، ويأتي أن الحكم حينئذ كفاية وضوء واحد لجميع صلواته فكيف يمكن الحكم في مثله بوجوب الوضوء عند خروج الغائط في أثناء الصلاة ، وهذا أيضاً شاهد على حملها على الاستحباب.

فتلخص : أن المسلوس والمبطون لا يجب عليهما الوضوء في أثناء صلاتهما وإن خرج عنهما البول والغائط من غير اختيار ، وذلك تخصيصاً في أدلّة ناقضية البول والغائط بالأخبار المتقدّمة الواردة في السلس والبطن ، فلهما أن يصليا صلاة أُخرى غير الصلاتين اللّتين جمعاهما في زمان ، نعم لا بدّ من أن يطهرا بدنهما ولباسهما لغيرهما‌

__________________

(١) المتقدّمة في ص ٢١٤.

۴۴۰