ولا يمكن المساعدة على ذلك أيضاً ، لأنه ليس من الجمع العرفي بين المتعارضين وذلك لأن السؤال في الطائفة الآمرة بالتيمم إنما هو عن الجريح ومن به قرح أو جراحة لا عمن تضرر بدنه غير الجريح باستعمال الماء ، وظاهر الجواب حينئذٍ أن من لم يتمكن من استعمال الماء من جهة الجراحة في بدنه يتيمم لا أن من لم يتمكن من استعماله لأجل الحمى أو لتضرر المواضع السليمة من بدنه يجب عليه التيمم ، وهذا دقيق. ووجوب التيمم على من أضر به الماء وإن كان معلوماً عندنا إلاّ أنه لا يوجب تقييد الروايات بوجه ، لأنها ناظرة إلى بيان أن من تضرر لأجل الجرح وظيفته التيمّم ، ولا نظر لها إلى بيان حكم المتضرِّر من غير ناحية الجرح ، وحيث إن هذا الموضوع بعينه هو الذي دلّت الطائفة الأُولى على وجوب الغسل فيه فلا محالة تتعارضان ، ولا يكون حمل الثانية على صورة تضرر المواضع الصحيحة من الجمع العرفي في شي‌ء.

فالإنصاف أن الطائفتين متنافيتان لوحدة المورد فيهما ، ومقتضى الجمع العرفي بينهما رفع اليد عن ظاهر كل منهما بنص الآخر ، حيث إن الطائفة الآمرة بالاغتسال ظاهرة في تعين الغسل وناصة في جوازه والطائفة الآمرة بالتيمم ظاهرة في تعين التيمم وناصة في جوازه ، فبنص كل منهما ترفع اليد عن ظاهر الآخر وتكون النتيجة ما ذكرناه من جواز كل من الغسل والتيمم وكون المكلّف مخيراً بينهما هذا ، بل يمكن استفادة ذلك من صريح صحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة حيث نفت البأس عن تركه الاغتسال وقال إنه يتيمم ، وهي كالصريح في جواز كلا الأمرين في حقه ، بل وكذلك صحيحة البزنطي بحمل النهي فيها عن الاغتسال على النهي في موارد توهم الأمر وهو يفيد الإباحة والجواز. هذا كله في حق الجريح والقريح عند الاغتسال.

وأمّا الكسير فقد وردت فيه روايات أربع :

منها : مرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « يتيمم المجدور والكسير بالتراب إذا أصابته جنابة » (١).

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٤٧ / أبواب التيمم ب ٥ ح ٤.

۴۴۰