القوّة ـ المستتبع لتعيّن المقويّ عليه ـ عرض موضوعه المادّة ، وبفعليّة الممكن المقويّ عليه (١) تبطل القوّة المتعيّنة والاستعداد الخاصّ ، والمادّة على ما هي عليه من كونها قوّة على الصور الممكنة.

وبالجملة : إن كان مراد المستشكل بقوله : «إنّ الاستعداد يبطل بفعليّة الممكن المستعدّ له» هو مطلق الاستعداد الّذي للمادّة فممنوع ، وإن كان مراده هو الاستعداد الخاصّ الّذي هو عرض قائم بالمادّة فمسلّم ، لكن بطلانه لا يوجب بطلان المادّة.

لا يقال (٢) : الحجّة ـ أعني السلوك إلى إثبات المادّة بمغايرة القوّة والفعل ـ منقوضة بالنفس الإنسانيّة ، فإنّها بسيطة مجرّدة من المادّة ولها آثار بالقوّة ، كسنوح الإرادات (٣) والتصوّرات وغير ذلك ، فهي أمر بالفعل في ذاتها المجرّدة وبالقوّة من حيث كمالاتها الثانية. فإذا جاز كونها على بساطتها بالفعل وبالقوّة معا فليجز في الجسم أن يكون متّصفا بالفعليّة والقوّة من غير أن يكون مركّبا من المادّة والصورة.

فإنّه يقال (٤) : النفس ليست مجرّدة تامّة ذاتا وفعلا ، بل هي متعلّقة بالمادّة فعلا ، فلها الفعليّة من حيث تجرّدها والقوّة من حيث تعلّقها بالمادّة.

لا يقال (٥) : الحجّة منقوضة بالنفس الإنسانيّة من جهة اخرى ، وهو أنّهم ذكروا (٦) ـ وهو الحقّ ـ أنّ النفس الإنسانيّة العقليّة مادّة للمعقولات المجرّدة ، وهي

__________________

(١) أي : المستعدّ له.

(٢) كما قال بعض شيعة الأقدمين ، كما في شرح الهداية الأثيريّة لصدر المتألّهين : ٤٦ ، والأسفار ٥ : ١١٤. وتعرّض له أيضا فيما علّق على شرح حكمة الإشراق : ٢١٨ ولم ينسب إليه. وهذا النقض يظهر من كلام الشيخ الإشراقيّ في المطارحات : ٤٩٦ ـ ٤٩٧.

(٣) أي : خطورها.

(٤) هكذا أجاب عنه صدر المتألّهين في كتبه ، فراجع الأسفار ٥ : ١١٥ ، وشرحه للهداية الأثيريّة : ٤٦ ، وتعليقاته على شرح حكمة الإشراق : ٢١٨.

(٥) هذا الاعتراض ممّا خطر ببال المصنّف رحمه‌الله ، ثمّ أجاب عنه بقوله : «فإنّا نقول ...».

(٦) وهو المنسوب إلى جمهور المشّائين من أصحاب المعلّم الأوّل. راجع شرح الإشارات ٣ : ٢٩٣.

۲۸۳۱