ومن أقوى ما يورد على القول بالبعد الجوهريّ المجرّد (١) أنّ لازمه تداخل المقدارين ، وهو محال ، فإنّ فيه حلول الجسم بمقداره الشخصيّ الذاهب في الأقطار الثلاثة في المكان الّذي هو مقدار شخصيّ يساويه ، ورجوعهما مقدارا شخصيّا واحدا ولا ريب في امتناعه. اللهمّ إلّا أن يمنع ذلك بأنّ من الجائز أن يكون المانع هو الهيولى مع المقدار أو الصورة مع المقدار أو هما معه.

البحث الثاني : [في محلّ الكلام]

قد عرفت أنّ الأين هيئة حاصلة للشيء من نسبته إلى المكان. والكلام في كونه هيئة حاصلة من النسبة لا نفس وجود النسبة ، نظير ما تقدّم في الإضافة.

البحث الثالث : [في أقسام الأين]

قد يقسّم الأين إلى أوّل حقيقيّ وثان غير حقيقيّ. فالأوّل كون الشيء في مكانه الخاصّ به الّذي لا يسعه مع غيره (٢) ككون الماء في الكوز. والثاني نظير قولنا : «فلان في البيت» فليس البيت مشغولا به وحده ، بل يسعه وغيره ، وأبعد منه كونه في الدار ثمّ في البلد ، وهكذا. والتقسيم غير حقيقيّ ، والمقسم هو الأين بحسب توسّع العرف العامّ.

ويقرب منه تقسيمه إلى : أين جنسيّ وهو الكون في المكان ، وأين نوعيّ كالكون في الهواء ، وأين شخصيّ ككون هذا الشخص في هذا الوقت في مكانه الحقيقيّ.

__________________

(١) هذا الإيراد أورده الشيخ الرئيس على أصحاب البعد في الفصل السابع من المقالة الثانية من الفنّ الأوّل من طبيعيّات الشفاء.

(٢) وفي النسخ : «لا يسعه فيه غيره معه». والصحيح ما أثبتناه. وترجمته بالفارسيّة : «مكانى كه گنجايش آن شىء به همراه غيرش را ندارد».

۲۸۳۱